ويقال: إن مدائحه في النّبيّ- صلى الله عليه وسلم- تبلغ عشرين مجلدا، وقد نظم في الفقه «مختصر الخرقي» و «زوائد الكافي» ونظم في العربية، وفي فنون شتى وكان صالحا، قدوة، كثير التّلاوة، عظيم الاجتهاد، صبورا، قنوعا، محبّا لطريقة الفقراء ومخالطتهم. وكان يحضر معهم السماع ويرخص في ذلك، وكان شديدا في السّنّة، منحرفا على المخالفين لها. وشعره مملوء بذكر أصول السّنّة ومدح أهلها وذمّ مخالفيها.
قال ابن رجب: وكان قد رأى النّبيّ- صلى الله عليه وسلم- في منامه، وبشّره بالموت على السّنّة. ونظم في ذلك قصيدة طويلة معروفة.
وسمع منه الحافظ الدّمياطي، وحدّث عنه، وذكره في «معجمه» .
ولما دخل التتار بغداد، كان الشيخ بها فلما دخلوا عليه قاتلهم وقتل منهم بعكّازه نحو اثني عشر نفسا، ثم قتلوه شهيدا برباط الشيخ علي الخبّاز، وحمل إلى صرصر فدفن بها.
وفيها محيى الدّين بن الجوزي، الصّاحب العلّامة سفير الخلافة أبو المحاسن يوسف بن الشيخ أبي الفرج عبد الرّحمن بن علي بن محمد التيمي الكبري البغدادي الحنبلي [١] ، أستاذ دار المستعصم بالله.
ولد سنة ثمانين وخمسمائة، وسمع من أبيه وذاكر بن كامل، وابن بوش، وطائفة. وقرأ القرآن بواسط على ابن الباقلاني، وكان كثير المحفوظ، قويّ المشاركة في العلوم، وافر الحشمة.
قال ابن رجب: قرأ القرآن بالروايات العشر على ابن الباقلّاني، وقد جاوز العشر سنين من عمره، ولبس الخرقة من الشيخ ضياء الدّين بن سكينة.
[١] انظر «العبر» (٥/ ٢٣٧) و «سير أعلام النبلاء» (٢٣/ ٣٧٢- ٣٧٤) و «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (٢٧٤) و «ذيل طبقات الحنابلة» (٢/ ٢٥٨- ٢٦١) و «عقد الجمان» (١/ ١٧٥) .