للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أملك الدّيار المصرية وأكسر التتار وأعطيك الذي طلبت، فقلت له: أنت مجنون بقملك تملك الدّيار المصرية؟ قال: نعم. رأيت النّبيّ- صلى الله عليه وسلم- في النّوم، فقال لي: «أنت تملك مصر وتكسر التتار» وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم حقّ لا شكّ فيه، وجرى ذلك.

وقال له منجم بمصر، وللملك الظّاهر بيبرس بعد أن اختبر نجم كل واحد منهما، فقال للملك المظفّر: أنت تملك مصر وتكسر التتار، فاستهزؤوا به. وقال للملك الظاهر: وأنت أيضا تملك الدّيار المصرية وغيرها، فاستهزؤوا به. فكان كما قال. وهذا من عجيب الاتفاق.

وكان المظفّر بطلا، شجاعا ديّنا، مجاهدا، انكسرت التتار على يديه واستعاد منهم الشام. وكان أتابك الملك المنصور علي ولد أستاذه، فلما رآه لا يغني شيئا عزله، وقام في السلطنة. وكان شابّا، أشقر، وافر اللّحية.

ذكر أنه قال أنا محمود بن ممدود ابن أخت السلطان خوارزم شاه، وأنه كان مملوكا لتاجر في القصاعين بمصر.

وفيها شيخ الإسلام أبو عبد الله محمد بن أبي الحسين أحمد بن عبد الله بن عيسى اليونيني الحنبلي الحافظ [١] .

ولد سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة بيونين، ولبس الخرقة من الشيخ عبد الله البطائحي عن الشيخ عبد القادر، وربّاه الشيخ عبد الله اليونيني، وتفقه على الشيخ الموفق. وسمع من الخشوعي، وحنبل. وكان يكرر على الجمع بين «الصحيحين» وعلى أكثر «مسند أحمد» ونال من الحرمة والتقدم ما لم ينله أحد. وكانت الملوك تقبّل يده وتقدم مداسه. وكان إماما، علّامة، زاهدا، خاشعا لله، قانتا له، عظيم الهيبة، منوّر الشّيبة، مليح الصّورة، حسن السّمت والوقار، صاحب كرامات وأحوال.


[١] انظر «العبر» (٥/ ٢٤٨) و «ذيل طبقات الحنابلة» (٢/ ٢٦٩- ٢٧٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>