للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الموازييني. وسمع من عبد اللطيف بن أبي سعد، والقاسم بن عساكر، وجماعة. وتفقه على فخر الدّين بن عساكر، والقاضي جمال الدّين بن الحرستاني. وقرأ الأصول على الآمدي، وبرع في الفقه، والأصول، والعربية، وفاق الأقران والأضراب، وجمع بين فنون العلم، من التفسير، والحديث، والفقه، واختلاف أقوال الناس، ومآخذهم. وبلغ رتبة الاجتهاد، ورحل إليه الطلبة من سائر البلاد، وصنّف التصانيف المفيدة، وروى عنه الدّمياطي وخرّج له أربعين حديثا، وابن دقيق العيد، وهو الذي لقّبه بسلطان [١] العلماء، وخلق غيرهما.

ورحل إلى بغداد فأقام بها أشهرا. هذا مع الزّهد، والورع، والأمر بالمعروف، والنّهي عن المنكر، والصّلابة في الدّين. وقد ولي الخطابة بدمشق، فأزال كثيرا من بدع الخطباء ولم يلبس سوادا، ولا سجع خطبته، [بل] كان يقولها مترسلا، واجتنب الثناء على الملوك، بل كان يدعو لهم، وأبطل صلاة الرغائب والنّصف [٢] فوقع بينه وبين ابن الصّلاح بسبب ذلك.

[ولم يكن يؤذن بين يديه يوم الجمعة إلّا مؤذن واحد] [٣] .

ولما سلّم الصالح إسماعيل قلعة الشّقيف وصفد للفرنج، نال منه الشيخ على المنبر، ولم يدع له. فغضب الملك من ذلك وعزله وسجنه، ثم أطلقه. فتوجه إلى مصر، فتلقاه صاحب مصر الصّالح أيوب وأكرمه، وفوّض إليه قضاء مصر دون القاهرة والوجه القبلي، مع خطابة جامع مصر، فأقام


[١] في «آ» و «ط» : «سلطان» وأثبت لفظ «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة مصدر المؤلف.
[٢] جاء في حاشية «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة ما نصه: «قال الذهبيّ: كانوا دبر الصلاة يقولون: إِنَّ الله وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ. ٣٣: ٥٦ فأمرهم أن يقولوا: لا إله إلا الله وحده لا شريك له ... الحديث» .
[٣] ما بين الحاصرتين زيادة من «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة مصدر المؤلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>