للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيها عزّ الدّين عبد العزيز بن منصور بن محمد بن وداعة الحلبي [١] . كان خطيبا بجبلة من أعمال السّاحل، ثم اتصل بصلاح الدّين، فصار من خواصه، فلما ملك دمشق ولّاه شدّ الدواوين، وكن يظهر النّسك، وله حرمة وافرة، فلما تولى الظّاهر ولّاه الوزارة، وتولى جمال الدّين أقوش [٢] النّجيبيّ نيابة الشام، فحصل بينهما وحشة [باطنة] ، وكان النّجيبيّ يكرهه لتشيعه. وكان النّجيبي مغاليا في السّنّة، وعند عزّ الدّين تشيّع. فكتب عزّ الدّين إلى الظّاهر أن الأموال تنكسر وتحتاج الشّام إلى مشدّ تركيّ شديد المهابة، تكون أمور الولايات وأموالها راجعة إليه لا يعارض، وقصد بذلك رفع يد النائب فجهز [٣] الظّاهر علاء الدّين كشتغدي الشّقيريّ، فلم يلبث أن وقع بينهما، لأن الشّقيريّ كان يهينه غاية الهوان، فإذا اشتكى إلى النّائب لا يشكيه ويقول: أنت طلبت مشدّا تركيا. فكتب الشّقيريّ إلى الظّاهر في حقّه.

فورد الجواب بمصادرته، فأخذ خطّه بجملة يقصر عنها ماله، وضربه وعصره، وعلّقه. فكان كالباحث عن حتفه بظلفه. وكانت له دار حسنة باعها في المصادرة، ثم طلب إلى مصر. فتوفي بها عقب وصوله، ودفن بالقرافة الصّغرى قريبا من قبّة [٤] الشّافعيّ، ولم يخلّف ولدا، ولا رزقه الله في عمره [كلّه] ولدا [٥] فإنه لم يتزوج إلّا امرأة واحدة في صباه، ثم فارقها بعد أيام قلائل، وبنى بجبل قاسيون تربة ومسجدا وعمارة حسنة، وله وقف على وجوه البرّ.


[١] انظر «ذيل مرآة الزمان» (٢/ ٣٩٠- ٣٩٢) وما بين الحاصرتين زيادة منه، و «القلائد الجوهرية» (١/ ٣٢٣- ٣٢٤) .
[٢] في «آ» و «ط» : «أقش» وما أثبته من «ذيل مرآة الزمان» و «عقد الجمان» (١/ ٣٣١) .
[٣] في «ط» : «فجهر» بالراء وهو خطأ.
[٤] تحرفت في «ط» إلى «قبلة» .
[٥] لفظة «ولدا» الثانية هذه لم ترد في «ذيل مرآة الزّمان» ولفظة «كلّه» زيادة منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>