للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم رحل إلى المشرق، وحجّ حججا كثيرة، وشاع ذكره، وعظم صيته، وكثرت أتباعه، على رأي أهل الوحدة المطلقة، وأملى عليهم كلاما في العرفان على رأي الاتحادية، وصنّف في ذلك أوضاعا كثيرة وتلقّوها عنه وبثّوها في البلاد شرقا وغربا، وقد ترجمه ابن حبيب فقال: صوفيّ متفلسف متزّهد متعبّد متقشّف، يتكلم على طريق أصحابه، ويدخل البيت لكن من غير أبوابه، شاع أمره، واشتهر ذكره، وله تصانيف، وأتباع، وأقوال، تميل إليها بعض القلوب وينكرها بعض الأسماع. وقال لأبي الحسن الشّشتري [١] عند ما لقيه- وقد سأله عن وجهته وأخبره بقصده الشيخ أبا أحمد- إن كنت تريد الجنّة فشأنك ومن قصدت، وإن كنت تريد ربّ الجنّة فهلمّ إلينا. وأما ما نسب إليه من آثار السّيما [٢] والتصويف فكثير جدا.

ومن نظمه:

كم ذا تموّه بالشّعبين والعلم [٣] ... والأمر أوضح من نار على علم

أصبحت [٤] تسأل عن نجد وساكنها ... وعن تهامة هذا فعل متّهم

وقال البسطامي: كان له سلوك عجيب على طريق أهل الوحدة، وله في علم الحروف والأسماء اليد الطّولى، وألّف تصانيف، منها: «كتاب الحروف الوضعية في الصّور الفلكية» و «شرح كتاب إدريس عليه السلام» الذي وضعه في علم الحرف، وهو نفيس.


[١] هو علي بن عبد الله النّميري الشّشتري، الفقيه الصوفي الصالح العابد، المتوفى سنة (٦٦٨ هـ) انظر ترجمته في «عنوان الدّراية» ص (٣٣٩- ٢٤٢) و «الأعلام» (٤/ ٣٠٥) وتعليق العلّامة الزركلي عليه.
[٢] في «ط» : «السيمايا» . وقال الصّفدي في «الوافي بالوفيات» : ولقد اجتمعت بجماعة من أصحاب أصحابه ورأيتهم ينقلون عن أولئك، أن ابن سبعين كان يعرف السيمياء والكيمياء، وأن أهل مكة كانوا يقولون: إنه أنفق فيها ثمانين ألف دينار.
[٣] في «آ» و «ط» : «فالعلم» والتصحيح من «الإحاطة» و «نفح الطّيب» .
[٤] «الإحاطة» و «نفح الطيب» : «ظللت» .

<<  <  ج: ص:  >  >>