للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خمسين سنة، وما نظرت إلى قفا رجل في الصلاة.

وعطّل المسجد النّبويّ أيام الحرّة [١] ولم يبق فيه غيره، وكان لا يعرف أوقات الصلاة إلّا بهمهمة يسمعها داخل الحجرة المقدّسة، وخطب ابنته بعض ملوك بني أمية، فزوّجها فقيرا من الطّلبة، وسيّرها إلى بيته، ثم زارها بعد ذلك ووصلها بشيء من عنده، وكانت ابنة أبي هريرة تحته، وكان جابر بن الأسود على المدينة دعاه إلى بيعة ابن الزّبير فأبى، فضربه ستين سوطا، وضرب أيضا هشام بن إسماعيل ستين سوطا، وطاف به [٢] في المدينة في تبّان [٣] من شعر، وذلك أنه دعاه إلى البيعة لسليمان، والوليد بالعهد فلم يفعل.

وكان مولده لسنتين مضتا من خلافة عمر، ووفاته بالمدينة.

وولد لسعيد محمّد، وكان نسّابة، فنفى قوما من المخزومين، فرفع ذلك إلى الوالي، فجلده الحدّ.

وكان لسعيد غيره من الولد، وبرد مولاه، قال له: يا برد، إياك أن تكذب عليّ كما يكذب عكرمة على ابن عبّاس.

وقال: كل حديث حدثكموه برد ليس مع غيره مما تنكرونه فهو كذب.

وبالجملة فمناقبه ومآثره تفوت الحصر، وقد صنّف فيها.

وفيها أيضا توفي أحد فقهاء المدينة السبعة [٤] أبو محمّد عروة ابن


[١] تقدم كلام المؤلف عن هذه الوقعة الأليمة في ص () من هذا المجلد فراجعها.
[٢] لفظة «به» سقطت من المطبوع.
[٣] قال ابن منظور: التّبان، بالضم، والتشديد: سراويل صغير مقدار شبر يستر العورة المغلظة فقط، يكون للملاحين. «لسان العرب» «تبن» (١/ ٤٢٠) .
[٤] قال الإمام النووي: فقهاء المدينة السبعة: سعيد بن المسيّب، وعروة بن الزّبير، والقاسم بن محمد، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، وخارجة بن زيد، وسليمان بن يسار، وفي السابع ثلاثة أقوال، فقيل: سالم بن عبد الله بن عمر، وقيل: أبو سلمة بن عبد الرحمن، وقيل: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام. «تهذيب الأسماء واللغات» (١/ ١٧٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>