للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دقيق العيد، والتّقي بن رزين، وأبو اليمن بن عساكر.

وأكب على طلب الحديث، وأتقنه، وشرع فيه، وفي التفسير والعربية والقراءات والأدب والتاريخ، واشتهر اسمه، وطار صيته، وأخذ عنه أكابر عصره، وتقدموا في حياته كالشيخ تقي الدّين السبكي، وولديه، والجمال الإسنوي، وابن قاسم، وابن عقيل، والسمين، وناظر الجيش، والسّفاقسي، وابن مكتوم، وخلائق.

قال الصفدي: لم أره قط إلا يسمع [١] أو يشغل أو يكتب، أو ينظر في كتاب.

وكان ثبتا قيّما عارفا باللغة، وأما النحو والتصريف فهو الإمام المطلق فيهما، خدم هذا الفن أكثر عمره حتّى صار لا يدركه أحد في أقطار الأرض فيهما [٢] .

وله اليد الطّولى في التفسير والحديث وتراجم الناس، ومعرفة طبقاتهم خصوصا المغاربة، وأقرأ الناس قديما وحديثا، وألحق الصغار بالكبار، وصارت تلامذته أئمة وشيوخا في حياته، والتزم أن لا يقرئ أحدا إلّا في «كتاب سيبويه» أو «التسهيل» أو مصنّفاته، وكان سبب رحلته عن غرناطة أنه حملته حدّة الشبيبة على التعرض لأستاذه [٣] أبي جعفر بن الطّبّاع. وقد وقعت بينه وبين أبي جعفر بن الزّبير واقعة فنال منه وتصدّى لتأليف في الردّ عليه وتكذيب روايته، فرفع أمره إلى السلطان، فأمر بإحضاره وتنكيله، فاختفى ثم ركب البحر، ولحق بالمشرق.

وقال السيوطي: ورأيت في كتابه «النضار» الذي ألّفه في ذكر مبدئه واشتغاله وشيوخه ورحلته أنّ مما قوّى عزمه على الرحلة عن غرناطة أن بعض العلماء بالمنطق والفلسفة والرياضي والطبيعي قال للسلطان: إني قد كبرت وأخاف أن أموت فأرى أن ترتب لي طلبة أعلمهم هذه العلوم لينتفعوا من بعدي. قال أبو حيان: فأشير إلى أن أكون من أولئك ورتّب [٤] لي راتب جيد وكسوة وإحسان فتمنّعت ورحلت مخافة أن أكره على ذلك.


[١] في «ط» : «يسبح» .
[٢] ليست اللفظة في «آ» .
[٣] في «ط» : «للأستاذ» .
[٤] في «ط» : «وترتب» .

<<  <  ج: ص:  >  >>