للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيها أقضى القضاة شمس الدّين أبو عبد الله محمد بن مفلح بن محمد بن مفرّج المقدسي ثم الصّالحي الرّاميني الحنبلي [١] الشيخ الإمام العلّامة، وحيد دهره، وفريد عصره، شيخ الإسلام، وأحد الأئمة الأعلام. سمع من عيسى المطعّم، وغيره، وتفقه وبرع، ودرّس وأفتى، وناظر وحدّث، وأفاد، وناب في الحكم عن قاضي القضاة جمال الدّين المرداوي، وتزوج ابنته، وله منها سبعة أولاد ذكور وإناث. وكان آية وغاية في نقل مذهب الإمام أحمد رضي الله عنه. قال عنه أبو البقاء السّبكي: ما رأت عيناي أحدا أفقه منه، وكان ذا حظّ من زهد، وتعفف، وصيانة، وورع، ودين متين، وشكرت سيرته وأحكامه.

وذكره الذهبي في «المعجم «فقال: شاب عالم، له عمل ونظر في رجال السنن، ناظر وسمع، وكتب وتقدم، ولم ير في زمانه في المذاهب الأربعة من له محفوظات أكثر منه، فمن محفوظاته «المنتقى في الأحكام» .

وقال ابن القيم لقاضي القضاة موفق الدّين الحجّاوي سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة: ما تحت قبة الفلك أعلم بمذهب الإمام أحمد من ابن مفلح، وحسبك بهذه الشهادة من مثل هذا.

وحضر عند الشيخ تقي الدّين [٢] ونقل عنه كثيرا. وكان يقول له: ما أنت ابن مفلح بل أنت مفلح. وكان أخبر الناس بمسائله واختياراته، حتّى إن ابن القيّم كان يراجعه في ذلك، وله مشايخ كثيرون، منهم: ابن مسلم، والبرهان الزّرعي، والحجّار، و [ابن] الفويرة، والقحفاوي [٣] ، والمزّي، والذهبي، ونقل عنهما كثيرا. وكانا يعظمانه، وكذلك الشيخ تقي الدّين السّبكي يثني عليه كثيرا.

قال ابن كثير: وجمع مصنّفات منها على «المقنع» نحو ثلاثين مجلدا، وعلى


[١] انظر «ذيول العبر» ص (٣٥٢) و «الوفيات» لابن رافع (٢/ ٢٥٢) و «ذيل العبر» لابن العراقي (١/ ٩٩- ١٠٠) و «الدّرر الكامنة» (٤/ ٢٦١) و «المقصد الأرشد» (٢/ ٥١٧) و «الجوهر المنضد» ص (١١٢- ١١٤) و «الدارس في تاريخ المدارس» (٢/ ٤٣) و «القلائد الجوهرية» (١/ ١٦١) .
[٢] يعني ابن تيمية رحمه الله.
[٣] في «آ» و «ط» : «والبخاري» والتصحيح من «المقصد الأرشد» .

<<  <  ج: ص:  >  >>