للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أتابكه، ثم خلعه في شعبان سنة أربع وستين، وتسلطن الأشرف شعبان، فتناهت إلى يلبغا الرئاسة ولقّب نظام الملك، وصار إليه الأمر والنّهي، وهو السّلطان في الباطن والأشرف بالاسم، وارتقى إلى أن صار العدد الكثير من مماليكه نواب البلاد، ومقدّمي ألوف، واستكثر من المماليك الجلبان، وبالغ في الإحسان إليهم والإكرام حتّى صاروا يلبسون الطّرر الذهبية العريضة، فإذا وقعت الشمس عليهم تكاد من شدّة لمعانها تخطف البصر، وبلغت عدة مماليكه ثلاثة آلاف، وكان يسكن الكبش بالقرب من قناطر السّباع، وكان موكبه أعظم المواكب، وأمنت في زمنه الطّرقات من العربان والتّركمان لقطعه أخبارهم [١] وآثارهم، وكان في زمنه وقعة الإسكندرية، وأخذ الفرنج لها في أوائل سنة سبع وستين، فقام أتمّ قيام، ونزعها من أيديهم، وصادر جميع النّصارى والرّهبان، واستنقذ من جميع الديار ما بها من الأموال فحصل [٢] على شيء كثير جدا، حتّى يقال: اجتمع عنده اثنا عشر ألف صليب، منها صليب ذهب زنته عشرة أرطال مصرية. وكانت له صدقات كثيرة على طلبة العلم ومعروف كثير في بلاد الحجاز، وهو الذي حطّ المكس عن الحجّاج بمكّة، وعوّض أمراءها بلدا بمصر، وكان يتعصب للحنفية، حتى كان يعطي لمن يتمذهب لأبي حنيفة العطاء الجزيل، ورتّب لهم الجامكيات الزائدة، فتحول جمع من الشافعية لأجل الدنيا حنفية، وحاول في آخر عمره أن يجلس الحنفيّ فوق الشافعي فعاجله القتل، وذلك أن مماليكه منهم اقبغا المتقدم ذكره في أول هذه السنة، اجتمعوا على قتله ففرّ، ثم جاء طائعا في عنقه منديل، فأمر السلطان بحبسه، ثم أذن في قتله، وذلك في ربيع الآخر. قاله في «الدّرر» .


[١] في «ط» : «أجنادهم» وهو خطأ.
[٢] في «ط» : «تحصل» وهو خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>