دمشق، فقرّر فقيها بالشامية البرّانيّة، ولم يزل في نمو وازدياد، واشتهر بالفضيلة، وزلام الفخر المصري، حتّى أذن له بالإفتاء، وأفتى ودرّس وأفاد، وقصد بالفتاوى من البلاد، وناب في الحكم.
قال الحافظ ابن حجي: أحد أئمة المذهب، والمشار إليهم بجودة النّظر، وصحة الفهم، وفقه النّفس، والذكاء، وحسن المناظرة والبحث والعبارة.
وكانت له مشاركة في غير الفقه، ونفسه قوية في العلم.
وقال غيره: شرح «المنهاج» في عشرة أجزاء، ولم يشتهر لأن ولده لم يمكّن أحدا من كتابته فاحترق غالبه في الفتنة. وكان الأذرعي ينقل منه كثيرا، وكتب منه نسخة لنفسه.
توفي بدمشق في ذي القعدة ودفن بباب الصغير قبلي جرّاح.
وفيها تقي الدّين أبو الفداء إسماعيل بن علي بن الحسن بن سعيد بن صالح، شيخ الفقهاء الشافعية، القلقشندي المصري [١] ، نزيل القدس وفقيهه.
ولد سنة اثنتين وسبعمائة بمصر، وقرأ بها وحصّل، ثم قدم دمشق بعد الثلاثين، فقرأ على الفخر المصري فأجازه بالإفتاء، وسمع الحديث الكثير، وحدّث، وأقام بالقدس مثابرا على نشر العلم والتصدي لإقراء الفقه، وشغل الطلبة، وزوّجه مدرّس الصّلاحية يومئذ الشيخ صلاح الدّين العلائي ابنته، وصار معيدا عنده بها، وجاءه منها أولاد أذكياء علماء، واشتهر أمره، وبعد صيته بتلك البلاد، ورحل إليه، وكثرت تلامذته.
قال ابن حجي: وممن تخرّج به الإمام عماد الدّين الحسباني، وانتفع به أيضا حموه. وكان حافظا للمذهب، يستحضر «الروضة» ، ديّنا، مثابرا على الخيرات.
توفي في جمادى الآخرة بالقدس.
[١] انظر «ذيل العبر» لابن العراقي (٢/ ٤٣٤) و «إنباء الغمر» (١/ ٢٠٥) و «الدّرر الكامنة» (١/ ٣٧٠) و «الدليل الشافي» (١/ ١٢٦) .