وفيها ضياء الدّين عبد الله بن سعد الله بن محمد بن عثمان القزويني القرمي، ويسمى أيضا ضياء، ويعرف بقاضي القرم العفيفي الشافعي [١] ، أحد العلماء.
تفقه في بلاده، وأخذ عن القاضي عضد الدّين وغيره، واشتغل على أبيه البدر التّستري، والخلخالي، وتقدم في العلم حتّى إن السّعد التّفتازاني قرأ عليه، وحجّ قديما، وسمع من العفيف المطري بالمدينة. وكان اسمه عبيد الله فغيّره لموافقته اسم عبيد الله بن زياد بن أبيه قاتل الحسين، وكان يستحضر المذهبين، ويفتي فيهما، ويحسن إلى الطلبة بجاهه وماله، مع الدّين المتين، والتواضع الزائد، وكثرة الخير، وعدم الشّرّ، وكانت لحيته طويلة جدا بحيث تصل إلى قدميه ولا ينام إلّا وهي في كيس، وكان إذا ركب يفرقها فرقتين، وكان عوام مصر إذا رأوه قالوا: سبحان الخالق، فكان يقول: عوامّ مصر مؤمنون حقّا لأنهم يستدلون بالصّنعة على الصّانع، ولما قدم القاهرة استقرّ في تدريس الشافعية بالشيخونية والبيبرسية وغير ذلك، وكان لا يملّ من الاشتغال حتّى في حال مشيه، وركوبه، ويحلّ «الكشّاف» و «الحاوي» حلّا إليه المنتهى، حتّى قيل: إنه يحفظهما، وكان يقول: أنا حنفي الأصول شافعي الفروع، وكان يدرس دائما بغير مطالعة، وكتب إليه زين الدّين طاهر بن الحسن بن حبيب:
قل لربّ النّدى ومن طلب العل ... م مجدّا إلى سبيل السّواء
إن أردت الخلاص من ظلمة الجه ... ل فما تهتدي بغير ضياء
فأجاب:
قل لمن يطلب الهداية منّي ... خلت لمع السّراب بركة ماء
ليس عندي من الضّياء شعاع ... كيف يبغى الهدى من اسم الضّياء
توفي في ثالث ذي الحجّة من هذه السنة، كما جزم به ابن حجر بالقاهرة.
[١] انظر «إنباء الغمر» (١/ ٢٨٢- ٢٨٣) و «النجوم الزاهرة» (١١/ ١٩٣) ، وسمّاه السخاوي في «الذيل التام على دول الإسلام» «عبيد الله بن سعد» .