للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأبو غالب الماوردي، وأبو القاسم السّمرقندي، وأبو القاسم علي الهروي، وأبو منصور القزّاز، وعلي بن عبد الله الزّاغوني، ومحمد بن ناصر السّلامي، وابن الباقلّاني، وسواهم.

وحلّق في مختلف فروع العلم، وبلغ في صناعة الوعظ شهرة عمّت الآفاق، والقصص التي تروى عن براعته في هذا الفن تدخل تحت باب الإعجاز، فمجلسه في الوعظ كان يحضره الخلفاء، والوزراء، والأعيان، والعلماء، وأقل ما كان يحضر مجلسه عشرة آلاف، وربما حضره مائة ألف، وقد شهد مجلسه الرحالة الشهير ابن جبير، وأطنب في الكلام عنه في «رحلته» .

وكان رحمه الله من أحسن الناس كلاما وأتمّهم نظاما، وأعذبهم لسانا، وأجودهم بيانا، وكان مكثرا من التصنيف في شتى فروع العلم، فقد تجاوزت مؤلفاته أربعمائة مؤلف، بعضها يقع في عدة مجلدات، والآخر في مجلد أو رسالة.

توفي سنة سبع وتسعين وخمسمائة، فاجتمعت جموع غفيرة جدا من أهل بغداد في تشييعه، وغلقت الأسواق، وحملت جنازته على رؤوس الناس إلى مقبرة باب حرب، فدفن فيها إلى جوار قبر الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله.

قلت: وقد قامت شهرة ابن الجوزي على جملة من مؤلفاته، ومن أهمها كتبه الثلاثة المنوّه عنها في صدر الترجمة، وقد طبع القسم الموجود منه في الهند، وهو من الكتب التي تحتاج إلى الطبع طبعات محققة متقنة نظرا لما فيه من الفوائد النفيسة.

والثاني منها وهو «زاد المسير في علم التفسير» قام بتحقيقه والدي الأستاذ الشيخ عبد القادر الأرناؤوط بالاشتراك مع زميله الأستاذ الشيخ شعيب الأرناؤوط، وصدر عن المكتب الإسلامي بدمشق في تسع مجلدات، وهي الطبعة الوحيدة منه، وقد صدرت بين عامي (١٣٨٤- ١٣٨٨) هـ[١] .


[١] وقد تكلمت عن هذا الكتاب النفيس في كتابي «عناقيد ثقافية» ص (١٠١- ١٠٥) طبع دار المأمون للتراث بدمشق، فليرجع إليه من شاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>