للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولد سنة ثمان وعشرين وسبعمائة بقرية تسمى خواجا أبغار من عمل كشّ أحد مدائن ما وراء النهر وبعد هذه البلدة عن سمرقند يوم واحد. يقال: إنه رؤي ليلة ولد كأنّ شيئا يشبه الخودة تراءى طائرا في جو السماء، ثم وقع إلى الأرض في فضاء فتطاير منه شرر حتى ملأ الأرض، وقيل: إنه لما خرج من بطن أمّه وجدت كفّاه ملوءتين دما فزجروا أنه تسفك على يديه الدماء، وقيل: إن والده كان إسكافا، وقيل: بل كان أميرا عند السلطان حسين صاحب مدينة بلخ، وكان أحد أركان دولته، وإن أمّه من ذرّية جنكز خان، وقيل: إن أول ما عرف من حاله أنه كان يتحرم فسرق في بعض الليالي غنمة وحملها ليمرّ بها فانتبه الراعي ورماه بسهم فأصحاب كتفه ثم ردفه بآخر فلم يصبه، ثم بآخر فأصاب فخذه، وعمل عليه الجرح الثاني حتى عرج منه، ولهذا يسمى تمرلنك، فإن لنك باللغة العجمية أعرج، ثم أخذ في التحرم وقطع الطريق، وصحبه في تحرمه جماعة عدّتهم أربعون رجلا، وكان تيمور يقول لهم في تلك الأيام: لا بد أن أملك الأرض وأقتل ملوك الدّنيا فيسخر منه بعضهم ويصدّقه البعض لما يروه من شدّة حزمه وشجاعته.

قال ابن حجر: كان من أتباع طقتمش خان آخر الملوك من ذرّيّة جنكز خان، فلما مات وقرّر في السلطنة ولده محمود استقرّ تيمور أتابكة [١] ، وكان أعرج، وهو اللّنك بلغتهم، فعرف بتمر اللنك، ثم خفّف وقيل: تمرلنك، وتزوج أمّ محمود وصار هو المتكلم في المملكة، وكانت همّته عالية، وتطلع [٢] إلى الملك، فأول ما جمع عسكرا ونازل صاحب [٣] بخارى فانتزعها من يد أميرها حسن المغلي، ثم نازل خوارزم فاتفق وفاة أميرها حسن المغلي، واستقرّ أخوه يوسف وانتزعها اللّنك أيضا، ولم يزل إلى أن انتظم له ملك ما وراء النهر، ثم سار إلى سمرقند، وتملّكها، ثم زحف إلى خراسان وملكها، ثم ملك هراة، ثم ملك طبرستان وجرجان بعد حروب طويلة سنة أربع وثمانين، فلجأ صاحبها شاه وتعلّق بأحمد بن أويس صاحب العراق فتوجّه اللّنك إليهم فنازلهم بتبريز وأذربيجان فهلك شاه في


[١] في «ط» : «أتابك» .
[٢] في «آ» : «ويطّلع» وفي «ط» : «ويتطلع» وما أثبته من «إنباء الغمر» مصدر المؤلف.
[٣] لفظة «صاحب» لم ترد في «إنباء الغمر» .

<<  <  ج: ص:  >  >>