للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العمري البكري الحنفي [١] الشهير بمصنّفك، لقّب بذلك لاشتغاله بالتصنيف في حداثة سنّة، والكاف للتصغير في لغة العجم، وهو من أولاد الإمام فخر الدّين الرّازي، فإن صاحب الترجمة قال في بعض تصانيفه: كان للإمام الرازي ولد اسمه محمد، وكان الإمام يحبّه كثيرا. وأكثر مصنفاته صنّفه لأجله، وقد ذكر اسمه في بعضها. ومات محمد في عنفوان شبابه، وولد له ولد بعد وفاته وسمّوه أيضا محمدا. وبلغ رتبة أبيه في العلم ثم مات، وخلّف ولدا اسمه محمود، وبلغ أيضا رتبة الكمال، ثم عزم على سفر الحجاز، فخرج من هراة، فلما وصل بسطام أكرمه أهلها لمحبّتهم للعلماء، سيما أولاد فخر الدّين الرازي، فأقام هناك بحرمة وافرة، وخلّف ولدا اسمه مسعود، وسعى في تحصيل العلم، لكنه لم يبلغ رتبة آبائه، وقنع برتبة الوعظ، لأنه لم يهاجر، وخلّف ولدا اسمه محمد أيضا [٢] ، فحصّل من العلوم ما يقتدي به أهل تلك البلاد، ثم خلّف ولدا اسمه مجد الدّين محمود، فصار هو أيضا مقتدى الناس في العلم، وهو والدي. انتهى.

وولد مصنّفك في سنة ثلاث وثمانمائة، وسافر مع أخيه إلى هراة لتحصيل العلوم في سنة اثنتي عشرة وثمانمائة، وقرأ على المولى جلال الدّين يوسف الأوبهي تلميذ التفتازاني، وعلى قطب الدّين الهروي، وقرأ فقه الشافعي على الإمام عبد العزيز الأبهري، وفقه الحنفية على الإمام فصيح الدّين بن محمد. ولما أتى بلاد الرّوم صار مدرسا بقونية، ثم عرض له الصّمم، فأتى قسطنطينية، فعيّن له السلطان محمد كل يوم ثمانين درهما، وروي عنه أنه قال: لقيت بعض المشايخ من بلاد العجم وجرى بيننا مباحثه، وأغلظت القول في أثنائها، ولما انقطع البحث قال لي: أسأت الأدب عندي وإنك تجازي بالصّمم، وبأن لا يبقى بعدك عقب.

وكان إماما، عالما، علّامة، صوفيا. أجيز له بالإرشاد من بعض خلفاء زين الدّين الخوافي، وكان جامعا بين رئاستي العلم والعمل، ذا شيبة عظيمة نيّرة.


[١] ترجمته في «الشقائق النعمانية» ص (١٠٠- ١٠٢) و «البدر الطالع» (١/ ٤٩٧) و «الفتح المبين» (٣/ ٤٥- ٤٦) .
[٢] لفظة «أيضا» سقطت من «ط» .

<<  <  ج: ص:  >  >>