للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاستحكام قبب الأهرام، ولا وهت ولا وهنت كبرا ولا هرما، وقد أسس في اصطنبول للعلم أساسا راسخا لا يخشى على شمسه الأفول، وبنى بها مدارس كالجنان [١] لها ثمانية أبواب، سهلة الدخول، وقنّن بها قوانين تطابق المعقول والمنقول، فجزاه الله خيرا عن الطلاب، ومنحه بها أجرا، وأكبر ثواب، فإنه جعل لهم أيام الطلب ما يسد فاقتهم ويكون به من خمار الفقر إفاقتهم، وجعل بعد ذلك مراتب يترقون إليها ويصعدون بالتمكن والاعتبار عليها، إلى أن يصلوا إلى سعادة الدنيا، ويتوسلون بها أيضا إلى سعادة العقبى، وأنه- رحمه الله تعالى- استجلب العلماء الكبار من أقصى الديار وأنعم إليهم [٢] وعطف بإحسانه إليهم، كمولانا علي القوشجي، والفاضل الطّوسي، والعالم الكوراني، وغيرهم من علماء الإسلام وفضلاء الأنام، فصارت اصطنبول بهم أمّ الدنيا ومعدن الفخار والعلياء، واجتمع فيها أهل الكمال من كل فنّ، فعلماؤها إلى الآن أعظم علماء الإسلام، وأهل حرفها أدق الفطناء في الأنام، وأرباب دولتها هم أهل السعادة العظام، فللمرحوم المقدّس قلادة منن لا تحصى في أعناق المسلمين، لا سيما العلماء الأكرمين. انتهى ملخصا. أي واستقرّ بعده في المملكة ابنه الأكبر أبو يزيد يلدرم، ومعناه البرق.


[١] تحرفت في «ط» إلى «كالجفان» .
[٢] كذا في «آ» و «ط» : «وأنعم إليهم» .

<<  <  ج: ص:  >  >>