للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخبر، وهو ممن أخبر بزوال دولة الجراكسة وقتالهم لابن عثمان، وقال: إن الدولة تكون للسلطان سليم، ومرّ على المعمار وهو يعمّر القبة الزرقاء للغوري تجاه مدرسته فقال: ليس هذا قبر الغوري، فقالوا له: وأين قبره؟ فقال: يقتل في المعركة فلا يعرف له قبر، وكان الأمر كما قال.

وكان شابا، طويلا، جميل الصورة، طيب الرائحة على الدوام، حفظ «المدونة الكبرى» للإمام مالك، وسمع الحديث الكثير، وكان يصوم الدّهر، وقوته في الغالب الزّبيب، ولم يكن على رأسه عمامة إنما كان يطرح ملاءة عريضة على رأسه وظهره، ويلبس جبّة سوداء واسعة الأكمام، وسكن جامع الملك بالحسينية، ثم انتقل إلى جامع محمود، ثم عاد إلى قبة المارستان بخطّ بين القصرين، وبقي بها إلى أن مات، ولما سكن بجامع محمود قال فيه الشيخ شمس الدّين الدّمياطي [١] أبياتا، منها [٢] :

سألتني أيّها المولى مديح أبي ... حفص وما جمعت أوصافه الغرر

مكمّل في معانيه وصورته ... كمال من لا به نقص ولا قصر

مطهّر القلب لا غلّ يدنّسه ... ولا له قطّ في غير التّقى نظر

فهنّ جامع محمود بساكنه ... فإنّه [٣] الآن محمود ومفتخر

وقل له فيك بحر العلم ليس له ... حدّ فيا لك بحرا كلّه درر

وتوفي في هذه السنة أو التي بعدها، ودفن بالقرافة في حوش عبد الله بن وهب بالقرب من قبر القاضي بكّار.

وفيها أو في التي بعدها مصلح الدّين مصطفى الرّومي الحنفي، الشهير بابن البركي [٤] الإمام العالم.


[١] ليست اللفظة في «أ» .
[٢] الأبيات في «الكواكب السائرة» (١/ ٢٨٧) .
[٣] في «أ» : (فإن) ولا يستوي بها الوزن ولا المعني.
[٤] ترجمته في «الشقائق النعمانية» (٢٣١- ٢٣٢) ، و «الكواكب السائرة» (٢/ ٢٥١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>