للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى الرّوم، واختل مزاجه غاية الاختلال، وأعطي في أثناء المرض قضاء مصر فسافر إليها في أيام الشتاء، فأدركته المنية في الطريق.

وكان محبّا للعلم وأهله وللصوفية، وله مهارة في العلوم العقلية ومعرفة بالعلوم الرياضية، وله تعليقات على بعض الكتب.

وتوفي في بلدة كوتاهية.

وفيها أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن حسن [١] بن محمد [١] الرّعيني [٢] الأندلسي الأصل الطرابلسي المولد المالكي، نزيل مكّة، ويعرف هناك كسلفه بالحطّاب، ويتميّز عن شقيق له أكبر منه اسمه محمد أيضا بالرّعيني، وذلك بالحطّاب، ويعرف في مكّة بالطرابلسي.

ولد في صفر سنة إحدى وستين وثمانمائة بطرابلس، ونشأ بها، فحفظ القرآن و «الرائية» و «الجزرية» وتفقه فيها يسيرا على محمد القابسي، وعلى أخيه، ثم تحوّل مع أبويه وأخيه وجماعتهم إلى مكة سنة سبع وسبعين، فحجّوا ورجعوا، وقد توفي بعضهم، فأقاموا بها سنين، ومات كل من أبويه في أسبوع واحد في ذي الحجّة سنة إحدى وثمانين بالطّاعون، واستمر هو وأخوه بها إلى أن عادا لمكّة في موسم سنة أربع وثمانين، فحجّا، ثم جاورا بالمدينة النبوية التي تليها، وعاد الأخ بعد حجّه منها إلى بلاده وهو إلى المدينة، وقرأ على الشمس العوفي في العربية، وعلى السّراج معمر في الفقه وغيره، وعاد لمكة فلازم الشيخ موسى الحاجبي، وقرأ فيها القراآت على موسى المراكشي، وصاهر ابن حزم على ابنته، وسمع من الحافظ السخاوي، كل ذلك مع الفاقة والعفّة، ونعم الرجل كان.

قال جار الله ابن فهد: وقد فتح الله عليه في آخر عمره وصار من المعتقدين في العلم والدّين، وظهر له ثلاثة من الأولاد هم الجمال محمد، وزيني بركات، والشّهاب أحمد، وزوجهم في حياته، ورأى أولادهم، مع نجابتهم، وصار أكثرهم من المفتين والمدرّسين بحرم الله الأمين، وانقطع بمنزله عدة سنين، وهو يدرّس


[١] ما بين الرقمين سقط من «آ» .
[٢] ترجمته في «النور السافر» ص (٢٣٦- ٢٣٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>