للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صدرا في قضاة العدل والإحسان، القضائي الكمالي التّادفي، قاضي حلب ثم مكّة.

كان صحبني من حلب إلى البلاد الرّومية، فأسفر عن أعذب أخلاق وأكرم أعراق وأحسن طوية، وولد- كما قال ابن أخيه ابن الحنبلي- سنة أربع وسبعين وثمانمائة، وتفقه على الفخري عثمان الكردي، والجلال النّصيبي، وغيرهما، وأجاز له باستدعاء والده المحبّ بن الشّحنة، وولده الأثير محمد، والسّري عبد البرّ بن الشّحنة الحنفيون، والقاضي زكريا، والجمال القلقشندي، والقطب الخيضري، والفخر الديمي في آخرين، ولبس الخرقة القادرية من الشيخ عبد الرزاق الحموي الشافعي الكيلاني، ثم ترك مخالطة الناس، ولفّ المئزر، وأقدم على خشونة اللباس، وأخذ في مخالطة الفقراء والصوفية، فلما بلغ السلطان الغوري ذلك أرسل له توقيعا بأن يكون شيخ الشيوخ بحلب، ثم ولي قضاء الشافعية بطرابلس وبحلب، وفوض إليه الجمال القلقشندي قضاء القضاة بالممالك الإسلامية، ونيابة الحكم بالدّيار المصرية ومضافاتها، مضافا إلى قضاء حلب بسؤاله، ثم ولي في الدولة العثمانية تدريس العصرونية والحاجبية، ونظر أوقاف الشافعية بحلب، وولّاه خير بك كافل الدّيار المصرية قضاء الشافعية بمكّة، وجدّة، وسائر أعمالهما، ونظر الحرمين، وكان أول قاض ولي ذلك من غير أهل مكّة في الدولة العثمانية، وبقي في دولة القضاء حتى مات خير بك. خرج بعد مدة من مكّة معزولا سنة إحدى وثلاثين.

وكان إماما، عالما، كاملا، شاعرا.

ومن شعره:

لولا رجائي أنّ الشّمل يجتمع ... ما كان لي في حياتي بعدكم طمع

يا جيرة قطّعوا رسلي وما رحموا ... قلبا تقطّع وجدا عند ما قطعوا

أوّاه وأطول شوقي للأولى [١] سكنوا ... في الصرّح يا ليت شعري ما الذي صنعوا


[١] في «درّ الحبب» : «للذي» .

<<  <  ج: ص:  >  >>