للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خمس سنوات، واستجاز له والده قبل ذلك من الحافظ جلال الدّين السيوطي.

وبرع، ودرّس، وأفتى، وألّف، وشيوخه أحياء، فقرّت أعينهم به وجمعه بجماعة من أولياء مصر وغيرها، والتمس له منهم الدّعاء كالشيخ عبد القادر الدّشطوطي، وسيدي محمد المنير الخانكي.

ثم تصدر بعد عوده مع والده من القاهرة في سنة إحدى وعشرين للتدريس والإفادة، واجتمعت عليه الطلبة وهو ابن سبع عشرة سنة، واستمر على ذلك إلى الممات، مشتغلا بالعلم تدريسا وتصنيفا وإفتاء ليلا ونهارا، مع الاشتغال بالعبادة وقيام الليل وملازمة الأوراد.

وتولى الوظائف الدينية كمشيخة القراء بالجامع الأموي، وإمامة المقصورة، ودرّس بالعادلية، ثم بالفارسية، ثم الشامية البرّانيّة، ثم المقدّميّة، ثم التّقويّة، ثم جمع له بينهما وبين الشامية الجوانية، ومات عنهما، وانتفع به الناس طبقة بعد طبقة، ورحلوا إليه من الآفاق، ولزم العزلة عن الناس في أواسط عمره، لا يأتي قاضيا، ولا حاكما، ولا كبيرا، بل هم يقصدون منزله الكريم للعلم والتّبرّك.

وطلب الدعاء، وإذا قصده قاضي قضاة البلد أو نائبها لا يجتمع به إلا بعد الاستئذان عليه والمراجعة في الأذن، وقصده نائب الشام مصطفى باشا فلم يجتمع به إلّا بعد مرات. وكذا درويش باشا نائب الشام. وقال له: يا سيدي ما تسمع عني؟ قال: الظلم.

وكان لا يأخذ على الفتوى شيئا، بل سدّ باب الهديّة مطلقا فلم يقبل إلّا من أخصائه وأقاربه، ويكافئ أضعافا. وكان يحبّ الصوفية ويكرمهم، وأخذ عنه العلم من لا يحصى كثرة.

وأما تصانيفه فبلغت مائة وبضعة عشر مصنّفا، من أشهرها التفاسير الثلاثة المشهورة «المنثور» و «المنظومان» وأشهرها «المنظوم الكبير» في مائة ألف بيت وثمانين ألف بيت وحاشيتان على «شرح المنهاج» للمحلّي، وشرحان على «المنهاج» كبير وصغير، وكتاب «فتح المغلق في تصحيح ما في الروضة من الخلاف المطلق» و «التّنقيب على ابن النّقيب» و «البرهان الناهض في نيّة استباحة

<<  <  ج: ص:  >  >>