للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان بحرا من بحار العلوم زاخرا، وطودا من أطواد الفهوم [١] باذخا، يقذف للقريب من جواهر معارفه عجائب، ويبعث للغريب من طماطم فضائله سحائب، طالما فتح بمفاتيح أنظاره الدقيقة مغالق المعضلات، وحلّ بخاطره اليقظان، وفكره العجيب الشأن عقد المشكلات عديم النظير في سرعة الانتقال، وحسن التقرير، وصاحب أدب وسكينة ومعارف رصينة، أنظر أهل زمانه وفارس ميدانه.

وتوفي في آخر ذي القعدة. انتهى ملخصا وفيها الشيخ العارف بالله تعالى شيخ بن عبد الله بن شيخ بن عبد الله العيدروس اليمني الشافعي [٢] .

قال ولده في «النور السافر في أعيان القرن العاشر» : ولد سنة تسع عشرة وتسعمائة بتريم من اليمن، [٣] وروى عن جلّة مشايخ اليمن [٣] ، وصار شيخ زمانه باتفاق عارفي وقته، ولقد ألهم الله أهله حيث سمّوه شيخا كما ألهم الله آل النّبي صلّى الله عليه وسلم حيث سمّوه محمدا.

وكان علّامة وقته وشيخ الطريقة حقيقة واسما، فإن الشيخ أبا بكر باعلوى كان يقول: ما أحد من آل باعلوى أولهم وآخرهم أعطي مثله.

وقال غيره: والله ما هو إلّا آية من آيات الله تعالى، وما ألّف مثل كتابه «الفوز والبشرى» .

وحكى من مجاهداته أنه كان يعتمر غالبا في رمضان أربع عمرات بالليل وأربعا بالنهار، وهذا شيء من أعظم الكرامات [٤] .


[١] في «آ» : «من أطواد العلوم» .
[٢] ترجمته في «النور السافر» ص (٣٧٢- ٣٧٩) و «الأعلام» (٣/ ١٨٢) و «معجم المؤلفين» (٤/ ٣١٢) .
[٣] ما بين الرقمين لم يرد في «ط» .
[٤] أقول: هذا ليس من الكرامات، بل من التعمق والتشدّد الذي هو خلاف السّنّة، وأفضل من ذلك الطواف حول البيت (ع) .

<<  <  ج: ص:  >  >>