وفيها يزيد بن حاتم بن قبيصة بن المهلّب بن أبي صفرة الأزديّ، وكان أرسله المنصور لحرب الخوارج، واستمر واليا على إفريقية خمس عشرة سنة، وكان من الممدّحين الأجواد.
وكذلك أخوه روح بن حاتم، وكان روح متواليا على السّند، وتولى لخمسة من الخلفاء: السّفّاح، والمنصور، والمهدي، والهادي، والرّشيد، ولم يتفق مثل هذا إلّا لأبي موسى الأشعري، عمل للنّبيّ- صلى الله عليه وسلّم- والخلفاء الأربعة بعده.
وكان يتعجب النّاس من بعد ما بين ابني حاتم يزيد، وروح، فاتفق أنّ الرّشيد عزل روحا عن السّند، فلحق بأخيه بإفريقية فدفنا في قبر واحد بإفريقية.
وفي يزيد بن حاتم يقول الشاعر:
وإذا تباع كريمة أو تشترى ... فسواك بائعها وأنت المشتري
وإذا تخيّل من سحابك لامع ... صدقت مخيلته لدى المستمطر
وإذا الفوارس عدّدت أبطالها ... عدوّك في أبطالهم بالخنصر
ووفد عليه أشعب صاحب النوادر في الطمع، فمدحه ببيتين، فأجزل عطيته.
وفيها مات إمام اللغة، والعروض، والنحو، الخليل بن أحمد الفراهيديّ الأزديّ [١] وقيل: سنة خمس وسبعين ومائة، وهو الذي استنبط علم العروض، وحصر أقسامه في خمس دوائر، واستخرج منها خمسة عشر بحرا، وزاد فيها الأخفش بحرا سمّاه الخبب.
قيل: إن الخليل دعا بمكّة أن يرزقه الله علما لم يسبق إليه، وهو في
[١] انظر الخبر بطوله في «مرآة الجنان» لليافعي (١/ ٣٧٧- ٣٨١) .