للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقرأ عليه رجل في العروض فلم يفهم، فقال له الخليل: قطّع هذا البيت:

إذا لم تستطع شيئا فدعه ... وجاوزه إلى ما تستطيع

قال الخليل: فشرع الرجل في تقطيعه على مبلغ علمه، ثم قام فلم يرجع إليّ، فعجبت من فطنته لما قصدته في [هذا] [١] البيت مع بعد فهمه.

ويقال: إن أباه أول من سمّي أحمد بعد النّبيّ- صلّى الله عليه وسلّم- وكان شاعرا مفلقا مطبوعا، ومن شعره:

وما هي إلّا ليلة ثمّ يومها [٢] ... وحول إلى حول وشهر إلى شهر

مطايا يقرّبن الجديد إلى البلى ... ويدنين أشلاء الكرام إلى القبر

ويتركن أزواج الغيور لغيره ... ويقسمن ما يحوي الشّحيح من الوفر

وكان من الزّهد في طبقة لا تدرك، حتّى قيل: إن بعض الملوك طلبه ليؤدّب له أولاده، فأتاه الرّسول وبين يديه كسر يابسة يأكلها، فقال له: قل لمرسلك ما دام يلقى مثل هذه لا حاجة به إليك، ولم يأت الملك.

وسأله الأخفش: لم سمّيت بحر الطويل طويلا؟ قال: لأنه تمّت أجزاؤه.

والبسيط؟ لأنه انبسط على حدّ الطويل. والمديد؟ لتمدّد سباعيه حول خماسيه.

والكامل؟ لكمال أجزائه السباعية ليس فيه غيرها. والوافر؟ لوفور أجزائه، لأن فيه ثلاثين حركة لا تجتمع في غيره. والرجز؟ لاضطرابه كاضطراب قوائم الناقة الرجزاء. والرمل؟ لأنه يشبه رمل الحصير يضمّ بعضه إلى بعض. والهزج؟ لأنه يتصرف شبه هزج الصوت. والسريع؟ لسرعته على اللسان. والمنسرح؟

لانسراحه وسهولته. والخفيف؟ لأنه أخفّ السباعيات. والمقتضب؟ لأنه القتضب


[١] زيادة من «مرآة الجنان» لليافعي (١/ ٣٨٠) .
[٢] في «مرآة الجنان» : «بعد نومها» .

<<  <  ج: ص:  >  >>