للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمرك مردود إلى أمره ... وأمره ليس له ردّ

[وقد بنى الدّار التي ما بنى ال ... - فرس لها مثلا ولا الهند

الدّرّ والياقوت حصباؤها ... وتربها العنبر والنّدّ] [١]

ونحن نخشى أنّه وارث ... ملكك إن غيّبك اللّحد

ولن يباهي العبد أربابه ... إلّا إذا ما بطر العبد

ومع ذلك فقد كان الرّشيد رأى إقبال النّاس على البرامكة وكثرة أتباعهم وأشياعهم، مع الإدلال العظيم منهم، ومع الإغراء من أعدائهم، كالفضل بن الرّبيع وغيره، ومع ذلك فكان الرّشيد إذا ذكرت مساوئهم عنده يقول:

أقلّوا ملاما لا أبا لأبيكم ... عن القوم أو سدّوا المكان الّذي سدّوا

ولما أذن الله سبحانه ببلائهم، ظهرت منامات وعلامات لهم ولغيرهم، وإشارات تطول.

منها أن يحيى بن خالد حجّ فتعلّق بأستار الكعبة، وقال:

اللهمّ إن كان رضاك في أن تسلبني نعمك [٢] فاسلبني، وإن كان رضاك في أن تسلبني أهلي وولدي فاسلبني، إلّا الفضل. ثم رجع وقال: اللهمّ إنه قبيح بمثلي أن يستثني عليك. اللهمّ والفضل.

ومنها ما حكى سهل بن هارون قال: كنت أكتب بين يدي يحيى بن خالد البرمكيّ، فأخذته سنة، فقال: طرقني النوم. فقلت: ضيف كريم إن قرّبته روّحك وإن منعته عذّبك. قال: فنام فواق ناقة، وانتبه مذعورا. فقال:

ذهب والله ملكنا، رأيت منشدا أنشدني:

كأن لم يكن بين الحجون إلى الصّفا ... أنيس ولم يسمر بمكّة سامر


[١] ما بين حاصرتين زيادة من «وفيات الأعيان» لابن خلكان (١/ ٣٣٥) ، و «مرآة الجنان» لليافعي (١/ ٤١٩) .
[٢] في «تاريخ الطبري» (٨/ ٢٩٢) : «نعمتك» والمؤلف ينقل القصة عنه بتصرّف.

<<  <  ج: ص:  >  >>