للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما قدم مكّة أقبل على العبادة، وحدّث بها عن أبي عمرو بن العلاء.

وروى عنه ابنه محمد، وأبو عمرو الدّوريّ. وأبو شعيب السّوسيّ، وغيرهم.

وخالف أبا عمرو في حروف يسيرة، وكان يجلس هو والكسائيّ في مجلس واحد، ويقرئان النّاس. وتنازعا مرّة في مجلس المأمون قبل أن يلي الخلافة في بيت شعر، فظهر اليزيديّ وضرب بقلنسوته الأرض، وقال: أنا أبو محمد. فقال المأمون: والله لخطأ الكسائي مع حسن أدبه أحسن من صوابك مع سوء أدبك. فقال: إن حلاوة الظّفر أذهبت عني حسن التحفّظ.

وكان الكسائيّ يؤدّب الأمين ويأخذ عليه حرف حمزة، وهو يؤدّب المأمون ويأخذ عليه حرف أبي عمرو. انتهى.

وفيها الفضل بن سهل ذو الرّياستين، وزير المأمون، قتله بعض أعدائه في حمام بسرخس، فانزعج المأمون وتأسّف عليه، وقتل به جماعة، وكان من مسلمة المجوس.

وقال ابن الأهدل [١] : الفضل بن سهل وزير المأمون السرخسيّ، وسرخس- بالخاء المعجمة- مدينة بخراسان، وكان يلقّب بذي الرياستين، وكان محتدا في علم النجوم، كثير الإصابة فيه، من ذلك أن المأمون لما أرسل طاهرا لحرب الأمين، وكان طاهر ذا يمينين، أخبره أنه يظفر بالأمين ويلقّب بذي اليمينين، وكان كذلك، واختار لطاهر وقتا عقد له فيه اللواء. وقال:


[١] هو حسين بن عبد الرحمن بن محمد الحسيني العلوي الهاشمي بدر الدين أبو محمد، المعروف بابن الأهدل، والأهدل أحد جدوده، كان مفتي الديار اليمنية في عصره، توفي سنة (٨٥٥) هـ، والمؤلف ينقل عن كتابه «مختصر تاريخ اليافعي» ، وهو من المخطوطات المحفوظة في خزانة الشيخ محمد سرور الصبان بجدة في المملكة العربية السعودية كما ذكر العلّامة الزركلي في «الأعلام» (٢/ ٢٤٠) .
قلت: ولكنه على الرغم من تسمية كتابه ب «مختصر تاريخ اليافعي» - يعني «مرآة الجنان» - إلا أنه يضيف إليه بعض الأخبار التي لم ترد في كتاب اليافعي.

<<  <  ج: ص:  >  >>