للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثلي فاقد الجدة بائس الحال، فتسلّيت عن ذلك بهذه الأوراق، وتعلّلت بعلل [١] علّه يبرد أوام [٢] الاحتراق [٣] ، إذ هذا شأو [٤] لا يدرك دقّه وجلّه، فليكن كما قيل: ما لا يدرك كلّه لا يترك كلّه.

أردت أن أجعله دفترا جامعا لوفيات أعيان الرجال، وبعض ما اشتملوا عليه من المآثر، والسجايا، والخلال، فإنّ حفظ التأريخ أمر مهمّ، ونفعه من الدّين بالضرورة علم، لا سيما وفيات المحدّثين والمتحمّلين لأحاديث سيد المرسلين، فإن معرفة السّند لا تتم إلا بمعرفة الرّواة، وأجلّ ما فيها تحفظ السّيرة والوفاة.

فممّن جمعت من كتبهم، وكرعت من نهلهم [٥] وعلمهم مؤرّخ الإسلام الذّهبيّ [٦] ، وفي الأكثر على كتبه أعتمد، ومن مشكاة ما جمع في مؤلفاته أستمدّ، وبعده من اشتهر في هذا الشأن كصاحب «الكمال» [٧] و «الحلية» [٨]


[١] العلل: الشرب الثاني، والنهل: الشرب الأول، يقال: علل بعد نهل.
[٢] الأوام: حر العطش.
[٣] المعنى: وتلهيت بالشرب الثاني لعله يبرد حرّ عطش الاحتراق.
[٤] الشأو: الغاية والأمد.
[٥] يقال: كرع في الماء، تناوله بفيه من موضعه من غير أن يشرب بكفه ولا بإناء، والنهل:
الشرب الأول.
[٦] هو شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الذهبي، المؤرخ، المحدّث، النقاد، صاحب «تاريخ الإسلام» و «سير أعلام النبلاء» و «الأمصار ذوات الآثار» وغير ذلك من المصنفات، المتوفى سنة (٧٤٨) هـ. انظر «طبقات الحفاظ» للسيوطي ص (٥١٧) و «الأعلام» للزركلي (٥/ ٣٢٦) .
[٧] هو تقي الدين أبو محمد عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي، الحافظ، المحدّث، المؤرخ، صاحب كتاب «الكمال في أسماء الرجال» - الذي أشار إليه المؤلف- و «عمدة الأحكام» و «النصيحة في الأدعية الصحيحة» وغير ذلك من المصنفات، المتوفى سنة (٦٠٠) هـ. انظر ترجمته ومصادرها في صدر كتاب «عمدة الأحكام» بتحقيقي ص (١٧) وما بعدها، طبع دار المأمون للتراث بدمشق.
[٨] هي «حلية الأولياء وطبقات الأصفياء» لصاحبها أبي نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد الأصبهاني، الحافظ، المحدّث، المتوفى سنة (٤٣٠) هـ. انظر «طبقات الحفاظ» للسيوطي ص (٤٢٣) و «الأعلام» للزركلي (١/ ١٥٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>