للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والترجيح (١)، فإِن لم يكن أهلاً فلينقله عن الأصحاب المتصفين بذلك، فإِن لم يحصل له ترجيح توقف حتى يحصل. وأما الوجهان فيعرف الراجح منهما بما سبق إِلا أنه لا عبرة بالتقدم والتأخر. قال ابن الصلاح سواء وقعا معًا في وقت واحد من إِمام واحد من أئمة المذهب أو من اثنين. وقال النووي إِذا وقعا من شخص واحد يرجح بالتأخير، وقول ابن الصلاح أقوى لأنهما انتسبا إِلى المذهب انتسابًا واحدًا وتقدم أحدهما لا يجعله بمنزلة تقدم أحد القولين من صاحب المذهب، وليس ذلك من قبيل اختلاف المفتيين على المستفتي بل ذلك اختلاف راجع إِلى شخص واحد وهو صاحب المذهب.

فليلتحق باختلاف (٢) الروايتين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في أن يتعين العمل بأصحهما عنه وهذا ظاهر. قالا (٣) وإذا كان أحدهما منصوصًا والآخر مخرجًا فالمنصوص هو الصحيح الذى عليه العمل غالبًا. كما إِذا رجح الشافعي أحدهما بل هذا أولى إِلا إِذا كان الخرج من مسألة يتعذر فيها الفرق، فقيل لا يترجح عليه المنصوص وفيه احتمال. أما إِذا وجد من ليس أهلاً للتخريج خلافًا بين الأصحاب في الراجح من قولين أو وجهين فليعتمد ما صححه الأكثر والأعلم والأورع. فإِن تعارض الأعلم والأورع قدم الأعلم، فإِن لم يجد ترجيحًا عن أحد اعتبر صفات الناقلين للقولين والقائلين بالوجهين. فما رواه البويطي (٤) والمزني والربيع المرادي على الشافعي يقدم ما رواه حرملة والربيع الجيزى (٥). قال ابن


(١) الترجيح: عند الأصوليين هو تقوية إحدى الإمارتين على الأخرى ليعمل بها. عرفه بهذا البيضاوي في المنهاج وتابعه عليه الأسنوى في شرحه عليه جـ ٣ ص ٢١٣ وابن السبكي في الإِبهاج جـ ٣ ص ٢٢٢ وهم في هذا متابعون للفخر الرازي في المحصول جـ ٢ ق ٢ ص ٥٢٩.
(٢) نهاية صفحة "أ" من لوحة ١١٩.
(٣) القائلان هما ابن الصلاح والنووى.
(٤) هو أبو يعقوب يوسف بن يحيى البوطي صاحب الشافعي.
(٥) هو أبو محمد الربيع بين سليمان بن داود الأزدى الجيزى الفقيه صاحب الشافعي روى عنه أبو داود والنسائي وأبو جعفر الطحاوي، كان قليل الرواية عن الشافعي توفي سنة ٢٥٦، وقيل ٢٥٧، انظر تهذيب التهذيب جـ ٣ ص ٢٤٥. وتهذيب النووي جـ ١ ص ١٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>