للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصلاح ويترجح أيضًا بما وافق أكثر أئمة المذهب - وحكى القاضي حسين فيما إِذا كان للشافعي قولان أحدهما يوافق أبا حنيفة وجهين لأصحابنا أحدهما: أن القول المخالف أولى وبه قال الشيخ أبو حامد فإِن الشافعي إِنما خالفه لاطلاعه على موجب المخالفة. والثاني أن القول الموافق أولى وبه قال القفال واختاره ابن الصلاح والنووي.

وهذا إِذا لم يرجح مرجحًا مما سبقت الإِشارة إِليه فهما كالوجهين على ما ذكرنا من الرجوع إِلى البحث. ويترجح أيضًا بالكثرة كما في الوجهين. وأقوى معتبر في الترجيح موافقة الحديث وبه يرجح النووي كثيرًا، وكذا غير الحديث من الأدلة الشرعية. قال النووي (١): واعلم أن نقل أصحابنا العراقيين (٢) لنصوص الشافعي وقواعد مذهبه ووجوه متقدمي أصحابنا أتقن وأثبت من نقل الخراسانيين (٣) غالبًا، والخراسانيون


(١) انظر مجموعه على المهذب جـ ١ ص ٦٩. وهو بالنص.
(٢) هم جماعة من فقهاء الشافعية نشأوا ببغداد وما حولها من أراضي العراق، ظهرت طريقتهم وتميزت في حوالي القرن الرابع الهجرى حيث اعتبر الشيخ أبو حامد الإِسفرايين المتوفي سنة ٤٠٦ شيخًا ومؤسسًا لطريقتهم.
(٣) هم جماعة من فقهاء الشافعية نشأوا ببلاد خراسان وهم نصف المذهب الشافعي كما قال ابن السبكي ويطلق عليهم أيضًا المراوزة نسبة إلى مرو، وأكثر الخراسانيون من مرو وما حولها، ظهرت طريقتهم وتميزت في بداية القرن الخامس الهجرى حيث اعتبر القفال المروزى المتوفي سنة ٤٧٧ هـ. شيخًا لهم.
هذا وقد بقي حال الفقه الشافعي على هاتين الطريقتين والفقهاء الشافعيون سواء باليمن أو الشام أو مصر تابعون لهما لا يخرجون عنهما حتى جاء أبو المحاسن الروياني صاحب البحر المتوفي سنة ٥٠٢ هـ. وابن الصباغ المتوفي سنة ٤٧٧ هـ. والمتولي صاحب التتمة المتوفي سنة ٤٧٨ هـ. وإِمام الحرمين المتوفي سنة ٤٧٨ هـ. والغزالي المتوفي سنة ٥٠٥ هـ فدونوا الفروع الفقهية وجمعوا بين الطريقتين نوعًا ما، وكان أول من جمع بين الطريقتين مع أنه خراساني هو أبو علي السنجي كما قال ابن السبكي، واستمر الحال على هذا حتى جاء الرافعي المتوفي سنة ٦٢٤ هـ. وشرح وجيز الغزالي بشرحين الصغير والكبير واعتمد فيهما ما عن له من الطريقتين. =

<<  <  ج: ص:  >  >>