للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحقيقته: ما يلزم من وجوده الوجود، ومن عدمه العدم (١). فإِن تَخَلَّف الحكم فذاك إِما لفقد شرط، أو لوجود مانع. وإِن وجد الحكم عند عدمه فذاك لأنه خَلَفُه سببٌ آخر.

ثم السبب صنفان (٢).

أحدهما: الوقتي، وهو الوصف المعرِّفُ للحكم غيرَ مستلزمٍ حكمةً باعثة عليه (٣) كجعل زوال الشمس سببًا لوجوب الظهر في قوله تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ


(١) هذه الحقيقة ذكرها القرافي إِلا أنه زاد في آخرها قيدًا وهو "لذاته"، انظر تنقيح الفصول مع شرحه للقرافي (٨١). أقول: وهذا القيد يفيد الاحتراز عن النقوض التي قد ترد على هذا التعريف كما إِذا قارن السببَ فقدانُ شرط أو وجودُ مانع فإِنه لا يلزم من وجوده الوجود، وكما إِذا خَلفَ السبب سببٌ آخر فإنه لا يلزم من عدمه العدم.
(٢) ممن صرح بانقسام السبب إِلى وقتي ومعنوي ابن الحاجب والقاضي العضد والبدخشي، انظر: مختصر المنتهى مع شرح القاضي العضد (٢/ ٧) وشرح الدخشي لمنهاج البيضاوي (١/ ٥٣).
(٣) قد ذكر الآمدي ما يقارب هذا التعريف، في بداية تقسيمه للسبب، إِلا أنه لم يصرح بتسميته وقتيًا، كما أنه لم يسم القسم الثاني معنويًا. انظر: الإِحكام (١/ ١٨١، ١٨٢).
أقول: ولي ملحوظتان على ما ذكره المؤلف: -
الأولى: على قوله: غير مستلزم حكمة باعثه عليه، فإِن معنى كلامه أن الله شرع ذلك الأمر لا لحكمة، وهذا لا يجوز على الله، فإِن الأحكام التي شرعها الله كلها شرعها لحكمة، إِلا أن الحكمة قد تظهر لنا وقد تخفى علينا.
الثانية: بناء على ما قدمته في الملحوظة الأولى، فإِن الصواب -عندي- أن يكون تقسيم السبب كما يلي: -
القسم الأول: - الوصف المعرف للحكم الذي لا تظهر حكمته لنا.
القسم الثاني: - الوصف المعرف للحكم الذي تظهر حكمته لنا.
أما تسمية المؤلف للقسمين بالوقتي والمعنوي فهي اصطلاح، ولا مشاحة في الاصطلاحات إِذا اتفق على المعنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>