للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو نوى بوضوئه التجديد سهوًا، وهو يظن الطهارةَ، وكان محدثًا، فإِنه لا يجزئه؛ لأنه لم يَنْو رفعَ حدثٍ أصلًا، ولا استند إِلى استصحاب صحيح (١). وكذا: لو أغْفَلَ (٢) لُمْعَةً، ثم غسلها في وضوء نوى به التجديد، ففيه وجهان، والأصح - أيضًا-: أنه لا يجزئه عن الفرض (٣). بخلاف ما إِذا أغفل لمعة في الغسلة الأولى (٤)، ثم غسلها في الثانية أو الثالثة بنية النفل، فإِن الأصح: ارتفاع حدثه بذلك (٥)، والفرق أن المتوضئ في مسألة التجديد لم ينو بوضوئه شيئًا من الفرض، إِنما نوى به كله النفل، فلم يتأد الواجب به، [و] (٦) في الصورة الثانية نوى الفرض والنفل جميعًا، ومقتضى نيته أنه لا يقع شيء عن النفل حتى يرتفع حدث الفرض. وأيضًا فالتجديد طهارة مستقلة،


(١) انظر: الغاية القصوى (١/ ٢٠٤).
(٢) أَغْفَلَ: معناها ترك الشيء قصدًا من غير نسيان. انظر: معجم مقاييس اللغة (٤/ ٣٨٦) ولعل صواب هذه الكلمة في هذه المسألة هو (غَفَلَ) ثم نقدر بعد ذلك حرف عن، لتكون المسألة هكذا: "وكذا لو غفل عن لمعة ثم غسلها ... " لأن معنى غفل: ترك الشيء بسبب غيابه عن ذهنه وعدم تذكره. انظر: معجم مقاييس اللغة (٤/ ٣٨٦)، فيكون معتقدًا تمام وضوئه ثم يتوضأ وضوءًا ثانيًا بنية التجديد. أما إِذا قلنا: أغفل فإِنه يكون تاركًا للمعة قصدًا، وعند ذلك لا يمكن أن يعتقد تمام وضوئه لينوي بالوضوء الذي بعده التجديد.
أقول: ومع ما تقدم فإِني وجدت النووي ذكر المسألة بلفظ: أغفل، فلعل أغفل يستعمل أحيانًا بمعنى غفل، وهو ترك الشيء عن نسيان وعدم ذكر.
(٣) ولا يرتفع حدث اللمعة.
وينظر: فتح العزيز للرافعي (١/ ٣٣٤)، والمجموع (١/ ٣٥١).
(٤) عبر الرافعي عن المعنى المتقدم بقوله: "لو كان يتوضأ ثلاثًا كما هو السنة فترك لمعة في المرة الأولى غافلًا". فتح العزيز (١/ ٣٣٣). وبنحو ذلك عبر النووي في المجموع (١/ ٣٥١).
(٥) وفي المسألة وجه آخر وهو عدم ارتفاع حدثه. انظر: الوسيط (١/ ٣٦٥)، والمجموع (١/ ٣٥١).
(٦) ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، وبه يظهر المعنى، وقد ذكره العلائي في المجموع المذهب، ورقة (٢٠/ أ).

<<  <  ج: ص:  >  >>