للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يصح على الأصح (١). فإن لم يتحقق ذلك، ولكن كان هذا شأنه، فيكره ولا يبطل. والله أعلم.

وأعلم أن حاصل هذه القاعدة يرجع إِلى تحصيل المصالح أو تقريرها، وإلي دفع المفاسد، واحتمال أخف المفسدتين لدفع أعظمهما (٢). ونذكر لذلك أمثلة.


(١) وقال الغزالي والنووي بصحة ذلك. انظر: إحياء علوم الدين (٢/ ١١١)، والمجموع (٩/ ٣٤٦).
(٢) الأفعال باعتبار اشتمالها على المصالح أو المفاسد أو عليهما على ثلاثة أضرب: -
الضرب الأول: - أن يكون الفعل مشتملًا على مصلحة أو مصالح ولا مفسدة فيه فإن كان مشتملًا على مصلحة واحدة فإنه يؤمر به لتحصيل هذه المصلحة، وإن كان مشتملًا على عدة مصالح وأمكن تحصيلها كلها حصلناها، وإن لم يمكن تحصيلها كلها وهي متفاوتة حصلنا الأعظم منها ثم الذى دونه، وإن لم يمكن تحصيلها كلها وهي متساوية فقد يقال يتخير المكلف، وقد يقال غير ذلك.
ولمعرفة هذا الضرب انظر: قواعد الأحكام للعز بن عبد السلام (١/ ٥٣) فما بعدها.
الضرب الثاني: - أن يكون الفعل مشتملًا على مفسدة أو مفاسد، ولا مصلحة فبه فإن كان مشتملًا على مفسدة واحدة فإنه ينهي عنه لدفع تلك المفسدة، وإن كان مشتملًا على عدة مفاسد وأمكن دفعها كلها دفعناها، وإن لم يمكن دفعها كلها وهي متفاوتة دفعنا الأعظم وارتكبنا الأخف، وهذا النوع هو المقصود بقاعدة ارتكاب أخف المفسدتين لدفع أعظمها؛ وقد ذكرها المؤلف. وإن لم يمكن دفعها كلها وهي متساوية فقد يقال يتخير بينها، وقد يقال غير ذلك.
ولمعرفة هذا الضرب انظر: قواعد الأحكام لابن عبد السلام (١/ ٧٩) فما بعدها.
الضرب الثالث: أن يكون الفعل مشتملًا على مصالح ومفاسد، فإن أمكن تحصيل المصالح ودرء المفاسد فعلنا ذلك، وإن لم يمكن ذلك فإن كانت المفسدة أو المفاسد أعظم من المصلحة أو المصالح فإنه ينهى عن هذا الفعل لدفع هذه المفسدة، وهذا النوع هو المراد بقاعدة درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.
وإن كانت المصلحة أعظم من المفسدة فإنه يؤمر بهذا الفعل لتحصيل هذه المصلحة وتحتمل هذه المفسدة. =

<<  <  ج: ص:  >  >>