للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفرقوا بينهما: بأن من وقع فى ماء أو نار لم يجز للقادر على إِنقاذه تأخيره إِلى تقدير أجره، بخلاف المضطر إِلى الأكل بم فإِن التأخير إِلى قدر ذلك ممكن.

وهذا فيه نظر من وجهين:

أحدهما: أن تأثير [الفرق] (١) إِنما هو في تقدير الأجرة، وأما ثبوت أجرة المثل وإن لم يقدرها فما المانع من ذلك (٢)؟! كما أن صاحب الطعام إِذا منع المضطر منه كان له أن يكابره عليه، ثم يضمن بدله، وإن لم يقدر له ثمنًا.

والثاني: أن القاضي أبا الطيب سوى بينهما، فقال: "إِن احتمل الحال فيمن وقع فى ماء أو نار تقدير أجرة لم يلزمه تخليصه حتى يلتزمها، كما فى المضطر، وإن لم يحتمل الحال في المضطر التأخير لم يلزمه العوض. فلا فرق" (٣).

وأما الشهادة: فقالوا: إِذا طلب الشاهد أجرة ليتحمل، فإِن لم يتعين عليه فله الأخذ، وإن تعين فوجهان، أصحهما: الجواز كما في تجهيز الميت وتعليم الفاتحة. وقال السرخسي (٤): "هذا إِذا دعى، أما إِذا أتاه المتحمل فليس للتحمل والحالة هذه أجرة".

وأما في الأداء: فقالوا: ليس للشاهد أخذ أجرة عليه؛ لأنه فرض توجه عليه، والأداء -أيضًا- كلام يسير لا أجرة لمثله. وقال الإمام وغيره (٥): "إذا كان القاضي


(١) ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، وقد أخذته من المجموع المذهب: ورقة (٨٠ / أ).
(٢) الإشارة تعود إلى (ثبوت أجرة المثل) ولو عبّر بالضمير -فقال: فما المانع منه- لكان أوضح.
(٣) لم أجد كلام القاضي أبي الطيب في شرحه مختصر المزني، وقد ذكره النووى في: روضة الطالبين (٣/ ٢٨٦). إلا أنه نسبه إِلى القاضى أبى الطيب وغيره.
(٤) يعنى أبا الفرج، وقد ذكر النووى كلامه في الروضة (١١/ ٢٧٥). وفيها: "المحَمِّل" بدل "المتحمل". ويظهر أن المحَمل هو الصواب.
(٥) ممن قال القول التالي النووى في: روضة الطالبين (١١/ ٢٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>