للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في قوله تعالى: {ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ} (١). وهذا كما يوجب ملكُ النصاب الزكاة عند انقضاء الحول (٢). فعلى الأصح: الكفارةُ حقٌ ماليٌ يتعلق بسببين، فجاز تعجيله بعد وجود أحدهما كالزكاة.

وقال الماوردى: "الظاهر من مذهب الشافعي أنها تجب بالحنث وحده (٣) ". ثم اختار تفصيلاً وهو أنه: "إِن كان عقد اليمين طاعة، وحلها معصية، وجبت بالحنث وحده. وإِن كان عقدها معصية، وحلها طاعة، وجبت باليمين والحنث".

وترك قسماً ثالثاً: وهو أن يكون عقد اليمين مباحاً.

وقد وافقه كثير من الأصحاب: على أن (٤) التكفير لا يجزئ قبل الحنث إِذا كان بارتكاب محظور، كمن حلف لا يشرب الخمر؛ لأن التكفير يكون وسيلة إِلى ارتكاب المعصية. وهو قول ابن القاص، ورجحه البغوى (٥).

ومال الأكثرون إِلى جوازه (٦). وقالوا: الأولى أن لا يكفر حتى يحنث،


(١) من الآية رقم (٨٩) من سورة المائدة.
(٢) قال العلائي: "فعلى هذا الوجه: التكفير قبل الحنث ظاهر".
المجموع المذهب: ورقة (١١٣ / ب).
(٣) قال العلائي: "وهو غريب جداً، أو مردود؛ لمخالفته عامة الأصحاب". المجموع المذهب: ورقة (١١٣ / ب).
(٤) الكلام التالي ذكر الرافعي نحوه في: فتح العزيز، جـ ١٥: ورقة (١٠٥/ أ).
(٥) صحح البغوى ذلك في: التهذيب، جـ ٤: ورقة (١٨٩ / أ).
(٦) قال الرافعي: "لوجود أحد السببين. والتكفير لا يتعلق به استباحة ولا تحريم، بل المحلوف عليه محظور قبل اليمين وبعدها، وقبل التكفير وبعده؛ لا أثر لهما فيه. وهذا أقيس وأظهر عند الشيخ أبي حامد والإِمام والروياني وغيرهم رحمهم الله". فتح العزيز، جـ ١٥: ورقة (١٠٥/ أ).

<<  <  ج: ص:  >  >>