للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لإقراره". واستشكل النووى ذلك (١): "لأنه بالضرب قريب من المكره (٢)؛ لا سيما إِذا غلب على ظنه أنه يعاد الضرب عليه لو أنكر". وما قاله صحيح، ولا ينبغي أن يكون لهذا الإقرار أثر.

ومنها: الإكراه على الطلاق والعتق، واتفق الأصحاب: على أنهما لا يقعان به إِلا إذا كان بحق، كالموْلِي والبيع بشرط العتق. واستدرك الرافعي قولهم إِن سورة المْوْلِيْ تُسْتَثْنَى (٣): "بأن المْوْلِى لا يؤمر بالطلاق على التعيين، بل بأحد شيئين، إِما الفَيْئَة أو الطلاق، فلا أثر لذلك، كما إِذا أكره على طلاق إِحدى امرأتيه، فطلق واحده بعينها فإِنه يقع". والقاضي حسين منع عدم تصور الإكراه في هذه الصورة، وقال: لا يقع. لأن الإكراه يتحقق فيها ولا محيص له عن واحدة منهما، وتبعه على ذلك الشيخ عز الدين (٤)، ولم ير أن الأِبهام يسقط أثر التكيلف (٥).

وعمدة الجمهور في الطلاق: أنه لما عدل عن إِبهام الطلاق إِلى التعيين: كان مختارًا، كما إِذا أكره على طلقة فطلق ثلاثًا، أو على طلاق واحدة فطلق اثنتين، أو على تعليق الطلاق فَنَجز، فإِنه يقع في ذلك كله.

واختلفوا فيما إِذا قدر على التورية أو الاستثناء بقلبه فلم يفعل، والأصح: أنه لا


(١) انظر: استشكال النووى، وتعليله لما استشكله في: الروضة (٤/ ٣٥٦).
(٢) ذكر النووي: أنه قريب من المكره، ولكنّه ليس مكرهاً، وذكر وجه الفرق بينهما، وذلك في الموضع المتقدم من الروضة.
(٣) انظر: نص استدراك الرافعي التالي في فتح العزيز جـ ١٣: ورقة (١٦/ أ، ب).
وأوله في فتح العزيز "ولك أن تقول: ليس على المولي إِكراه يمنع مثله الطلاق، حتى يقال: إِنه يقع الطلاق لأنه إِكراه بحق، وذلك لأنه لا يؤمر بالطلاق على التعيين ... الخ".
(٤) انظر: قواعد الأحكام (١/ ٨٢)
(٥) في المجموع المذهب: ورقة (١٤٨/ أ) ورد بدل هذه الكلمة كلمة أخرى هي (الإكراه).

<<  <  ج: ص:  >  >>