للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محرمًا. نعمْ إِذا نوى أن يكفر غدًا - والعياذ بالله تعالى - فإِنه يكفر في الحال؛ لأن نية الاستدامة على الإيمان شرط، فإِذا أتى بما ينافيها قطعها.

وأما ما اختلف في إِباحته، كشرب النبيذ، والنكاح بلا ولي ولا شهود: فقد إِختار كثير من الأصحاب: أن من فعله معتقدًا للتحريم كان كبيرة في حقه: بخلاف من يعتقد الإباحة (١). فلو فعله من لا يعتقد واحدًا منهما، كالعامي، مع علمه بالاختلاف، فقد حكى الماوردى فيه وجهين:

قال البصريون: "هو فاسق مردود الشهادة؛ لأن ترك الاسترشاد في الشبهات تهاون في الدين.

وقال البغداديون: لا يفسق؛ لأن اعتقاد الإباحة أغلظ من التعاطي ولا يفسق معتقد الإباحة".

ومناط قبول الشهادة وردها ليس مفرعًا من كل وجه على كون الفعل كبيرة أو لا، بل ترد الشهادة باللازم وما يشعر به الفعل من التهاون لأن لم يكن محرمًا، فضلًا عن كونه كبيرة كما في ترك المروءة (٢).

ويمكن رد جميع هذه التفاصيل إِلى الخصال المنصوصة في الأحاديث، ويكون في كل واحد منها إِشارة إلى ما هو من نوعه.

وبيان ذلك: أن مدار الكبائر كلها يرجع إِلى ما يتعلق بالضروريات الخص، التي هي: مصلحة الأديان، والنفوس، والعقول، والأنساب، والأموال.


(١) التفصيل المتقدم ذكر النووي نحوه في: الروضة (١١/ ٢٣١).
(٢) انظر: تعريف المروءة وما يعتبر تركًا لها في: الروضة (١١/ ٢٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>