وسمى من يبلِّغ السنة النبوية خليفةً له صلى الله عليه وسلم؛ حيث خصَّهم بالدعاء فقال:"اللهم؛ ارحم خلفائي الذين يأتون من بعدي، يروون أحاديثي وسنتي، ويعلمونها الناس".
فشمر الأئمة عن سواعدهم، وسابقوا الزمن لجمع سنته المطهرة، وألهمهم الله تعالى لإخراج فنٍّ وعلمٍ أظهر فضل الأمة - وهو علم الحديث رواية ودراية - فجمعوا الأحاديث الواردة، وبحثوا في أحوال رجال أسانيدها، ثم صنَّفوها وبيَّنوا مراتبها؛ من حيث الصحة والحسن والضعف، كما هو مبيَّن في كتب علماء الحديث.
فكان من أفضل ما أُلِّف في هذا الفن:"صحيح الإمام البخاري"، و"صحيح الإمام مسلم"، و"سنن الإمام أبي داوود"، و"سنن الإمام أبي عيسى الترمذي"، و"سنن الإمام النسائي".
وكان الإمام ابن ماجه القزويني ممَّن حاز قصب السبق، فألف كتابه "السنن" الذي امتاز بحسن التبويب والترتيب، لهذا فهو يعدُّ ركنًا معتمدًا من مصادر السنة النبوية الشريفة، وأصلًا أصيلًا من الكتب الحديثية، وغدا أحد المناهل العذبة كثيرة الزحام، حتى تصدر رحمه الله تعالى بين الستة الأوائل ممن جمع دواوين السنة المطهرة.
وإنما ألحق العلماء هذا الكتاب بالكتب الخمسة؛ لجودة تصنيفه، ورسوخ قدم المؤلف في هذا الفن المبارك، إضافة إلى ما انفرد به من زيادات وروايات لم يشاركه فيها الجماعة، ولوفرة هذه الزيادات وأهميتها في التشريع الإسلامي خُصت بالتأليف استقلالًا؛ ككتاب "مصباح الزجاجة في زوائد سنن ابن ماجه" للحافظ البوصيري رحمه الله تعالى.
ولقد تسابق العلماء الأفذاذ لإخراج مخبَّآت هذا الكتاب الجليل،