بصفات الله تعالى والتجاءً إليه. . كان ذلك من باب المندوب إليه المرغب فيه، وعلى هذا؛ فحق المتعوذ بالله تعالى وبأسمائه وصفاته أن يصدق الله في التجائه إليه، ويتوكل في ذلك عليه، ويحضر ذلك في قلبه؛ فمتى فعل ذلك. . وصل إلى منتهى طلبه ومغفرة ذنبه.
قوله:"لا يضره شيء حتى يرتحل منه" هذا خبر صحيح، وقول صادق علمنا صدقه دليلًا وتجربةً؛ فإني منذ سمعت هذا الخبر عملت به، فلم يضرني شيء إلى أن تركته، فلدغتني عقرب بالمهدية - اسم مكان - ليلًا، فتفكرت في نفسي، فإذا أنا قد نسيت أن أتعوذ بتلك الكلمات، فقلت لنفسي ذامًا وموبخًا لها ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم للرجل الملدوغ:"أما إنك لو قلت حين أمسيت: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق. . لم تضرك". انتهى من "الكوكب".
وفي هذا الحديث رد على ما كان يفعله أهل الجاهلية من كونهم إذا نزلوا منزلًا. . قالوا:"نعوذ بسيد هذا الوادي"، ويعنون به: كبير الجن.
ومنه قوله تعالى في سورة الجن:{وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا}(١). انتهى من "تحفة الأحوذي".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب التعوذ من سوء القضاء ودرك الشقاء وغيره، والترمذي في كتاب الدعوات، باب رقم (٤١) ما جاء ما يقول إذا نزل منزلًا، وقال: هذا حديث حسن صحيح، والنسائي في "عمل اليوم والليلة"، وأحمد في "المسند"، وابن حبان في "صحيحه".