(فقال) بعدما سلم من صلاته: (شغلتني) عن صلاتي؛ أي: قربت أن تشغلني (أعلام هذه) الخميصة عن التفكر والخشوغ في صلاتي (اذهبوا بها) عني وردوها (إلى أبي جهم) عامر بن حذيفة بن غانم القرشي العدوي المدني الصحابي الذي أهداها لي (وأتوني) من عنده بدل هذه الخميصة (بأنبجانيته) أي: بكسائه الذي لا علم ولا خطوط فيه؛ لأنه لا يشغلني عن صلاتي.
والفرق بين الخميصة والأنبجانية: أن الخميصة كساء من صوف له خمل وأعلام ونقوش، والأَنْبِجَانِيَّةُ - بفتح الهمزة وكسرها وبفتح الباء وكسرها أيضًا وبتشديد الياء وتخفيفها، فهاتان صورتان مضروبتان في الأربعة السابقة بثمانية - وهي كساء من صوف له خمل ولا علم له، وهي من أدون الثياب الغليظة، وقال الداوودي: هو كساء غليظ بين الكساء والعباءة، وقال القاضي أبو عبد الله: هو كساء سداه قطن أو كتان، لحمته صوف أو قَزٌّ أو كتان.
قال ابن الأثير في النهاية: يقال: كساء أنبجاني؛ منسوب إلى منبج - بوزن مجلس - المدينة المعروفة، وهي مكسورة الباء، ففتحت في النسب وأبدلت الميم همزة، وقيل: إنها منسوبة إلى موضع اسمه أنبجان، وهو أشبه؛ لأن الأول فيه من التكلف ما قد علمت.
وقيل: إنه منسوب إلى أذربيجان، حذف بعض حروفه وعرب.
وقال القاضي: قوله: "وأتوني. . ." إلى آخره، طلب ذلك؛ تطييبًا لنفس أبي جهم لانكسارها برد هديته عليه، وفعل هذا من طلب مال الغير جائز؛ إذا علم سروره وطيب نفسه بذلك. انتهى.
قال القرطبي: وفي هذا الحديث جواز لباس الثياب ذوات الأعلام، وفيه