ثم قيل: وجه أحبية القميص إليه صلى الله عليه وسلم: أنه أستر للأعضاء من الإزار والرداء، ولأنه أقل مؤونةً، وأخف على البدن، ولأن لبسه أكثر تواضعًا، كذا في "المرقاة" كما ذكرناه آنفًا.
وقال الشوكاني في "النيل" تحت هذا الحديث: والحديث يدل على استحباب لبس القميص، وإنما كان أحب الثياب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه أمكن في الستر من الرداء والإزار اللذين يحتاجان كثيرًا إلى الربط والإمساك وغير ذلك، بخلاف القميص.
ويحتمل أن يكون المراد:(من أحب الثياب إليه القميص) لأنه يستر عورته ويباشر جسمه؛ فهو شعار الجسد، بخلاف ما فوقه من الدثار، ولا شك أن كل ما قرب من الإنسان كان أحب إليه من غيره مما يلبس، ولهذا شبه رسول الله صلى الله عليه وسلم الأنصار بالشعار الذي يلي البدن، بخلاف غيرهم؛ فإنه شبههم بالدثار، وإنما سمي القميص قميصًا؛ لأن الادمي يتقمص فيه؛ أي: يدخل فيه ليستره.
وفي حديث المرجوم:(أنه يتقمص في أنهار الجنة) أي: يدخل فيها. انتهى من "تحفة الأحوذي".
قوله:"من جر شيئًا خيلاء .. لم ينظر الله إليه ... " إلى آخره.
قال الحافظ في "الفتح": أي: لا يرحمه؛ فالنظر إذا أضيف إلى الله .. كان مجازًا، وإذا أضيف إلى المخلوق .. كان كناية، ويحتمل أن يكون المراد: لا ينظر الله إليه نظر رحمة.
وقال شيخنا الحافظ في "شرح الترمذي": عبر عن المعنى الكائن عند النظر بالنظر؛ لأن من نظر إلى متواضع .. رحمه، ومن نظر إلى متكبر .. مقته، فالرحمة والمقت متسببان عن النظر.