وقد استدل على جواز ترك العذبة ابن القيم في "الهدي" بحديث جابر عند مسلم وأبي داوود والترمذي والنسائي وابن ماجه بلفظ: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة وعليه عمامة سوداء) بدون ذكر الذؤابة، قال: فدل على أن الذؤابة لم يكن يرخيها دائمًا بين كتفيه. انتهى.
وفيه نظر؛ إذ لا يلزم من عدم ذكر الذؤابة في هذا الحديث عدمها في الواقع حتى يستدل به على أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يرخي الذؤابة دائمًا.
وأقوى أحاديث هذه الأنواع كلها وأصحها هو حديث عمرو بن حريث في إرخاء العذبة بين الكتفين.
قال العيني: قال شيخنا زين الدين: ما المراد بسدل عمامته بين كتفيه؛ هل المراد سدل الطرف الأسفل حتى تكون عذبة، أو المراد: سدل الطرف الأعلى بحيث يغرزها ويرسل منها شيئًا خلفه؟ يحتمل كلًّا من الأمرين، ولم أر التصريح بكون المرخى من العمامة عذبةً إلا في حديث عبد الأعلى بن عدي، وفيه:(وأرخى عذبة العمامة من خلفه)، وقد تقدم.
وقال الشيخ: مع أن العذبة: الطرف؛ كعذبة السوط، وكعذبة اللسان؛ أي: طرفه؛ فالطرف الأعلى يسمى: عذبةً من حيث اللغة، وإن كان مخالفًا للاصطلاح العرفي الآتي، وفي بعض طرق حديث ابن عمر ما يقتضي أن الذي كان يرسله بين كتفيه من الطرف الأعلى، رواه أبو الشيخ وغيره من رواية ابن عبد السلام عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: (قلت: كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتم؟ قال: كان يدير كور العمامة على رأسه، ويغرزها من ورائه، ويرخي له ذؤابة بين كتفيه. انتهى.