للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مِنْ وَجَعٍ كَانَ بِهِمَا حِكَّةٍ.

===

قميص واحد، وهو تثنية قميص؛ وهو لباس له جيب وطوق يستر معظم البدن؛ أي: رخص لهما في لبس قميص حرير سفرًا وحضرًا (من) أجل (وجع) ومرض (كان بهما)، وقوله: (حكة) عطف بيان لوجع، أو بدل منه؛ والحكة: الجرب اليابس؛ أي: رخص لهما؛ لأجل حكة كانت بهما.

قال القرطبي: ترخيص النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن والزبير بن العوام في لبس الحرير؛ للحكة أو للقمل .. يدل على جواز ذلك للضرورة، وبه قال جماعة من أهل العلم وبعض أصحاب مالك، وأما مالك .. فمنعه في الوجهين؛ أي: في البابين، والحديث واضح الحجة عليه، إلا أن يدعي الخصوصية بهما، ولا يصح، أو لعل الحديث لم يبلغه. انتهى من "المفهم".

قوله: (من وجع كان بهما حكة) وفي رواية همام عند مسلم: (شكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم القمل، فرخص لهما) فبين الروايتين معارضة من حيث السبب، قلنا: لا معارضة؛ لأنه يمكن أن تكون الحكة بسبب القمل، فذكر المسبب هنا، وهناك السبب.

والحكة: هي الجرب اليابس؛ وهي الحساسية في الجلد، واستدل الجمهور بحديث الباب على أن استعمال الحرير للرجال يجوز في الجرب ولمرض كالحكة، وبه قال أبو يوسف ومحمد بن الحسن، وقال أبو حنيفة: إنما الجائز في الجرب ما كان لحمته من حرير وسداه من غيره، وإنه يكره في غير الجرب والمرض، فأما الحرير الخالص .. فلا يباح للرجال إلا عند الاضطرار.

وحمل أبو حنيفة حديث الباب على الاضطرار؛ حيث لم يتيسر في السفر إلا الحرير الخالص، أو على أنه صلى الله عليه وسلم إنما أباح لهما الملحم؛ يعني: ما كان لحمته من حرير وسداه من غيره دون الحرير الخالص، أو على أنه كان خصوصية لهما، ومما دل على الخصوصية ما أخرجه ابن عساكر عن

<<  <  ج: ص:  >  >>