قالوا: وسبب تقديم الأم .. كثرة تعبها عليه وشفقتها عليه وخدمتها له. انتهى.
وفي التنزيل إشارة إلى هذا التأويل في قوله:{حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا}(١)، فالتثليث في مقابلة ثلاثة أشياء مختصة بالأم؛ وهي تعب الحمل، ومشقة الوضع، ومحنة الرضاع. انتهى من "التحفة".
قوله:(من أبر؟ ) قال في "النهاية": البر - بكسر الموحدة -: الإحسان؛ وهو في حق الوالدين والأقربين من الأهل ضد العقوق؛ وهو الإساءة إليهم والتضييع لحقهم، يقال: بر يبر؛ من باب نفع، فهو بار، وجمعه بررة.
قال: والبر والبار بمعنىً، وجمع البر أبرار، وهو كثيرًا ما يختص بالأولياء والزهاد والعباد. انتهى.
وقال في "القاموس": البر ضد العقوق، يقال: بررته وأبره؛ كعلمته وضربته، وصلة الرحم: كناية عن الإحسان إلى الأقربين من ذوي النسب والأصهار والتعطف عليهم والرفق بهم، وقطع الرحم ضد ذلك، يقال: وصل رحمه يصلها وصلًا وصلةً. انتهى منه.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الأدب، باب من أحق بحسن الصحبة، ومسلم في كتاب البر والصلة، باب بر الوالدين وأنهما أحق به، وأبو داوود في كتاب الأدب، باب بر الوالدين، والترمذي في أبواب البر والصلة، باب ما جاء في بر الوالدين، وبلفظه هنا انفرد ابن ماجة؛ كما أشرنا إليه في حلنا آنفًا، ولكن أصل أحاديث الكل ومعناها ومفادها واحد، والله أعلم.