فأما تقبيل الرأس .. فإكرام عند من جرت عادتهم بذلك؛ كالأب والأم.
وأما تقبيل اليد .. فكرهه مالك، ورآه من باب الكبر، وإذا كان مكروهًا في اليد .. كان أحرى في الرجل.
وقد أجاز تقبيل اليد والرجل بعض الناس مستدلًا بأن اليهود قبلوا يد رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجليه حين سألوه عن مسائل، فأخبرهم بها، رواه ابن ماجة برقم (٣٦٤٨)، ولا حجة في ذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد نزهه الله من الكبر وأمن ذلك عليه، وليس كذلك غيره، ولأن ذلك أظهرَ من اليهود تعظيمَه واعتقادهم صدقه، فأقرهم على ذلك؛ ليتبين للحاضرين بإذلالهم أنفسهم له ما عندهم من معرفتهم بصدقه، وأن كفرهم بذلك عناد وجحد، ولو فهمت الصحابة رضي الله تعالى عنهم جواز تقبيل يده ورجله .. لكانوا أول سابق إلى ذلك، فيفعلون به ذلك دائمًا وفي كلّ وقت؛ كما يتبركون ببزاقه ونخامته، ويدلكون بذلك وجوههم، ويتطيبون بعرقه، ويقتتلون على وضوئه، ولم يرو قط عن واحد منهم بطريق صحيح أنه قبل يدًا ولا رجلًا، فصح ما قلناه، والله ولي التوفيق. انتهى من "المفهم".
وشارك المؤلف في رواية الحديث: البخاري في كتاب الأدب، باب رحمة الولد وتقبيله ومعانقته، ومسلم في كتاب الفضائل، باب رحمته صلى الله عليه وسلم بالصبيان والعيال وتواضعه وفضل ذلك، وأحمد في "مسنده".
فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.