أنزلته بك ضيفًا، وضفتُ الرجلَ ضيافة؛ إذا نزلتَ عليه، وكذلك تَضَيَّفتُه.
والضيافة من مكارم الأخلاق، ومن محاسن الدين، ومن خلق النبيين والصالحين، وليست بواجبة عند عامة أهل العلم، خلافًا لليث؛ فإنه أوجبها ليلةً واحدةً محتجًا بقوله صلى الله عليه وسلم: "ليلة الضيف واجبة على كلّ مسلم" رواه أبو داوود من حديث المقدام بن معدي كرب برقم (٣٧٥١).
قوله: "فليكرم ضيفه" بتقديم القرى له، وإظهار طلاقة الوجه له، وإظهار المخاطبة له بقول الرحب والسهل من كلّ مَا اعْتِيدَ في إكرامه.
(ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر .. فليقل خيرًا أو ليسكت) أي: فليقل ما يثاب عليه؛ من الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والإصلاح بين الناس، وتعليم جاهل، وإرشاد ضال، أو ليسكت عن كلّ ما يأثم به؛ كالغيبة والنميمة والسب والشتم، وعن كلّ ما لا يَعْنِيهِ من قِيلَ وقال؛ طلبًا للسلامة، وإعمالًا لفكره في مصنوعات الله تعالى.
وحاصل معنى هذه الجملة: أنه إذا أراد أن يتكلم؛ فإن كان ما يتكلم به خيرًا محققًا يثاب عليه أو مندوبًا .. فليتكلم، وإن لَمْ يظهر له أنه خير يثاب عليه .. فليمسك عن الكلام، سواء ظهر له أنه حرام أو مكروه أو مباح مستوي الطرفين.
فعلى هذا يكون الكلام المباح مأمورًا بتركه، مندوبًا إلى الإمساك عنه؛ مخافة من انجراره إلى المحرم أو المكروه، وهذا يقع في العادة كثيرًا أو غالبًا، وقد ندب الشرع إلى الإمساك عن كثير من المباحات، لئلا ينجر صاحبها إلى المحرمات أو المكروهات.
وقال الإمام أبو محمد عبد الله بن أبي زيد إمام المالكية بالمغرب في زمانه: