للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَأَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ، وَأَلْبِسُوهُمْ مِمَّا تَلْبَسُونَ، وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ؛ فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ .. فَأَعِينُوهُمْ".

===

(قلت): وكذلك قوله: (خولكم) في الروايات الأخرى؛ فإن الخول بمعنى الخدم، فقوله: (هم) أي: هؤلاء المماليك (إخوانكم) في الدين (جعلهم تحت أيديكم) أي: تحت أملاككم أو تحت تدبيركم ورعايتكم، ولكن يؤيد التفسير الأول ما أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" من طريق سَلَّامِ بن عَمرو عن رجل من الصحابة مرفوعًا: "أرقاؤكم إخوانكم ... " الحديث، ذكره الحافظ في "الفتح" (٥/ ١٧٤).

ويمكن أن يجاب عنه: بأنه رواية بالمعنى، وزعم بعض الرواة أن الأمر مقتصر على العَبيد والأرقاء، فرواه بهذا اللفظ، وإلا .. فالحديث مطلق عن ذلك؛ فالرفق والإحسان مأمور به مع كلّ من يخدمك، سواء كان حرًّا أو عبدًا. انتهى منه.

(فأطعموهم مما) أي: من طعام (تأكلونـ) ـه (وألبسوهم مما) أي: من لباس (تلبسونـ) ـه (وَلَا تكلفوهم) أي: لا تجبروهم من العمل (ما يغلبهم) ويشق عليهم (فإن كلفتموهم) بذلك .. (فأعينوهم) أي: ساعدوهم بأيديكم.

قال النووي: والأمر بإطعامهم مما يَطْعم، وإلباسهم مما يَلبس .. محمول على الاستحباب لا على الإيجاب، وهذا بإجماع المسلمين، وأما فعل أبي ذر في كسوة غلامه مثلَ كسوته .. فعمل بالمستحب، وإنما يجب على السيد نفقة المملوك وكسوته بالمعروف بحسب البلدان والأشخاص، سواء كان من جنس نفقة السيد ولباسه أو دونه أو فوقه، حتى لو قَتَّر السيد على نفسه تقتيرًا خارجًا عن عادة أمثاله؛ إما زهدًا أو شُحًّا .. لا يحل له التقتيرُ على المملوك وإلزامُه موافقتَه إلَّا برضاه.

<<  <  ج: ص:  >  >>