قبل إنسان يد إنسان أو وجهه أو شيئًا من بدنه، ما لَمْ يكن عورة على وجه القربة لدينه ولعلمه أو لصلاحه .. فإن ذلك جائز، وتقبيل يد النبي صلى الله عليه وسلم يقرب إلى الله تعالى، وما كان من ذلك تعظيمًا لدنيا أو لسلطان أو لشبهه من وجوه التكبر .. فلا يجوز. انتهى كلام المنذري، انتهى من "العون" في كتاب الأدب في باب السيد.
قال ابن بطال: واختلفوا في تقبيل اليد: فأنكره مالك، وأنكر ما روي فيه، وأجازه آخرون، واحتجوا بما روي عن ابن عمر أنهم لما رجعوا من الغزو حيث فروا .. قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: نحن الفرارون، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم:"بل أنتم الكرارون؛ فإنا نحن أهلَ المدينة فئةُ المسلمين يتَحيَّزُ إليهم مَنْ فرَّ من العدو"، وقال ابن عمر: فقبلنا يده صلى الله عليه وسلم حين قبل عذرنا.
واحتجوا أيضًا بأنه قبل أبو لبابة وكعب بن مالك وصاحباه يد النبي صلى الله عليه وسلم حين تاب الله عليهم، ذكره الأبهري، وقبل أبو عبيدة يد عمر حين قدم، وقبل زيد بن ثابت يد ابن عباس حين أخذ ابن عباس بركابه.
قال ابن بطال: وذكر الترمذي من حديث صفوان بن عسال أن يهوديين أتيا النبي صلى الله عليه وسلم، فسألاه عن تسع آيات أوتيها موسى عليه السلام ... الحديث، وفي آخره: فقبلا يده ورجله صلى الله عليه وسلم، قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
قال الحافظ: حديث ابن عمر أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" وأبو داوود، وحديث أبي لبابة أخرجه البيهقي في "الدلائل"، وابن المقرئ، وحديث كعب وصاحبيه أخرجه ابن المقرئ، وحديث أبي عبيدة أخرجه سفيان في "جامعه"،