التشميت لمن حمد الله تعالى على عطاسه، قال الأبي: لَمْ يذكر في الحديث أنه أرشده إلى الحمد.
وقال الطيبي: وعلى من سمعه أن يرشده إلى الحمد نصيحةً له، قال مكحول الشامي: كنت يومًا عند عمر بن الخطاب، فعطس رجل من ناحية المسجد، فقال عمر: يرحمك الله إن حمدت، وقال الشعبي: إذا سمعت الرجل يعطس من وراء جدار، فحمد الله تعالى .. فشمته، وقال إبراهيم النخعي: إذا كنت وحدك فعطست وحمدت .. فقل: يغفر الله لي ولكم. انتهى منه.
قال النووي: قوله: (فشمت أحدهما ... ) إلى آخره، يقال: شمت - بالشين المعجمة - وسمت - بالسين المهملة - هما لغتان مشهورتان، المعجمة أفصح، قال ثعلب: معناه بالمعجمة: أبعد الله عنك الشماتة؛ أي: فرح الأعداء بمصيبتك، وبالمهملة: هداك الله إلى ما هو القصد والهدى؛ من السمت؛ وهو الاستواء والاستقامة والهداية.
والعطاس: هو خروج ما اختنق في الدماغ من الأبخرة المتصاعدة من المعدة إليه، وأول من عطس: آدم عليه السلام؛ كما ذكرناه في "تفسيرنا حدائق الروح والريحان" مع بيان سببه.
قال القاضي عياض: قال بعض شيوخنا: وإنما أمر العاطس بحمد الله تعالى؛ لما حصل له من المنفعة بالعطاس؛ بخروج أبخرة فاسدة مضرة من دماغه، تصاعدت من المعدة إلى الدماغ؛ بسبب العطاس.
وقد اختلف أهل المذاهب في حكم التشميت عند محمد العطاس: فهو واجب على الكفاية عند الحنفية، قاله العزيزي، وفرض كفاية عند مالك، وسنة عند الشافعي، وواجب عند الظاهرية قاله النووي.