للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "تَرِّبُوا صُحُفَكُمْ أَنْجَحُ لَهَا؛ إِنَّ التُّرَابَ مُبَارَكٌ".

===

(أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال) للناسِ الكُتَّابِ: (تَزِبُوا) - بفتح التاء وتشديد الراء المكسورة - أمر من تفعل الرباعي المضعف ثلاثيه، تَرَّبَ الكتابَ الرَّطْبَ: إذا ذرَّ عليه التراب الناعم؛ ليكون يابسًا لا يُمْحى؛ أي: ذُرُّوا (صحفكم) وأوراقكم المكتوبة التي كتابتها رطبة بالتراب الناعم؛ لتصير يابسة بسرعة.

وقوله: (أنجح) خبر لمبتدأ محذوف؛ تقديره: وذلك؛ أي: تتريبها وذرها بالتراب الناعم أنجح وأسلم (لها) من المَحْو إذا مَسَّها شيء، وقوله: (إن التراب مبارك) علة للعلة؛ والتقدير: وإنما اخترت لكم التراب في إزالة رطوبتها؛ لأن التراب عُنْصُرٌ مبارك من بين العناصر الأربعة؛ لأنا نأكله بواسطة الثمار والحبوب في حياتنا، ونَعُودُ إليه بعد موتنا، ونُعاد منها عند البعث من القبور فسبحانَ الخلَّاقِ العليمِ.

وما أجمع كلام النبي الكريم عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام!

وكنا نفعلُ ذلك التتريبَ في زمن دراستنا تحت الأشجار مِن تاريخ أَلْفٍ وثلاث مئة وخمس وخمسين (١٣٥٥ هـ) إلى أن تطوَّرَت الدنيا، في تاريخِ ألف وأربع مئة (١٤٠٠ هـ).

وقد عرفنا كون التراب أنجح من غيره؛ كالرماد والدقيق مثلًا من عملنا ذلك، في ذلك الوقت، وكنا نتزود التراب الناعم في جيبنا للتتريب، وما أبلغ وأفصح قول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم! أَحْسِنْ بما آتاه الله من جوامع الكلم! جزاه الله عنا أفضل ما جزى نبيًّا عن أمته.

وتفسير هذا الحديث بما ذكرنا هو المعتمد؛ لأنه يؤيده العيان والمشاهدة،

<<  <  ج: ص:  >  >>