هو الله أحد) تشتمل على ذكر أوصاف الحق سبحانه وتعالى، فكانت ثلثًا من هذه الجهة.
قلت: وهذا إنما يتم إذا حقق أن هذه السورة مشتملة على ذكر جميع أوصافه تعالى، وليس ذلك ظاهرًا فيها، لكنها اشتملت على اسمين من أسمائه يتضمنان جميع أوصاف كماله تعالى، لم يوجدا في غيرها من جميع السور، وهما الأحد والصمد؛ فإنهما يدلان على أحدية الذات المقدسة الموصوفة بجميع صفات الكمال المعظمة.
فالأحد في أسمائه تعالى مشعر بوجوده الخاص به الذي لا يشاركه فيه غيره، وهو المعبر عنه بواجب الوجود.
وأما الصمد .. فهو المتضمن لجميع أوصاف الكمال؛ فإن الصمد هو الذي انتهى سؤدده؛ بحيث يصمد إليه في الحوائج كلها؛ أي: يقصد، ولا يصح ذلك تحقيقًا إلا ممن حاز جميع خصال الكمال حقيقة، وذلك لا يكمل إلا لله تعالى؛ فهو الأحد الصمد الذي {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (٣) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (١).
فقد ظهر أن لهذين الاسمين من شمول الدلالة على الله تعالى وصفاته ما ليس لغيرهما من الأسماء، وأنهما ليسا بموجودين في شيء من سور القرآن، فظهرت خصوصية هذه السورة بأنها ثلث القرآن؛ كما قررناه.
وقد كثرت أقوال الناس في هذا المعنى، وهذا أنسبها وأحسنها حسب ما ظهر، فلنقتصر عليه، والله سبحانه وتعالى أعلم. انتهى من "المفهم" باختصار.