للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَنْ أَخِيهِ عَبَّادِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ؛ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْأَرْبَعِ: مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ، وَمِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لَا تَشْبَعُ، وَمِنْ دُعَاءٍ لَا يُسْمَعُ".

===

(عن أخيه عباد بن أبي سعيد) كيسان المقبري، مقبول، من الثالثة. يروي عنه: (د س ق).

(أنه) أي: عبادًا (سمع أبا هريرة) رضي الله تعالى عنه.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.

أي: سمع عباد أبا هريرة حالة كونه (يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم؛ إني أعوذ بك من الأربع) وهو إجمال، وتفصيله قوله الآتي: (من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعاء لا يسمع).

قال الطيبي: اعلم: أن في كل من القرائن الأربع ما يشعر بأن وجوده مبني على غايته، وأن الغرض منه تلك الغاية؛ وذلك أن تحصيل العلوم إنما هو للانتفاع بها، فإذا لم ينتفع به .. لم يَخْلُص منه كفافًا، بل يكون وبالًا، ولذلك استعاذ منه.

وأن القلب إنما خلق؛ لأن يتخشَّع لبارئه، وينشرح لذلك الصدرُ، ويُقذف النور فيه؛ فإذا لم يكن كذلك .. كان قاسيًا، فيجب أن يستعاذ منه، قال تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ} (١).

وأن النفس يعتد بها إذا تجافت عن دار الغرور، وأنابت إلى دار الخلود، وهي إذا كانت منهومة لا تشبع، حريصة على الدنيا .. كانت أعدى عدو المرء، فأولى الشيء الذي يستعاذ منه هي؛ أي: النفس.


(١) سورة الزمر: (٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>