(قال) ابن عباس: (أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل) من المسلمين، لم أر من ذكر اسمه (منصرفه) أي: وقت انصرافه صلى الله عليه وسلم ورجوعه (من) وقعة (أحد، فقال) الرجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا رسول الله؛ إني رأيت) في الليلة البارحة (في المنام ظلة) - بضم الظاء المشالة - أي: سحابة تظلل مَنْ تَحْتَها، وكل ما أظل ما تحته من سقيفة ونحوها يسمى ظلة، قاله الخطابي.
وزاد ابن ماجه من طريق ابن عيينة:(بين السماء والأرض) كما سيأتي في رواية أبي هريرة الآتية؛ أي: رأيت في المنام ظلة (تَنْطِفُ) - بكسر الطاء ويجوز ضمها أيضًا - يقال: نطف الماء؛ إذا سال؛ والنطفة: القطرة من الماء؛ أي: تقطر تلك الظلة وتمطر (سمنًا وعسلًا) قليلًا قليلًا (ورأيت الناس يتكففون) أي: يأخذون (منها) أي: من تلك الظلة (بأيديهم) كما في "مسلم" أي: بأكفهم من القطرات التي تقطر منها.
قال الخليل: يقال: تكفف؛ إذا بسط كفه ليأخذ، وفي رواية الترمذي:(يستقون).
قال القرطبي: ويحتمل أن يكون معناه: يأخذون من ذاك كفايتهم، وهذا أليق بقوله:(فالمستكثر من ذلك والمستقل)، ولكن تعقبه الحافظ في "الفتح"(١٢/ ٤٣٤).
وقوله:(فالمستكثر والمستقل) مبتدأ، خبره محذوف؛ تقديره:(فـ) من الناس (المستكثر) أي: الآخذ من ذلك كثيرًا (و) منهم (المستقل) أي: